آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. عبد الحي زلوم
عن الكاتب :
مستشار بارز لشؤون البترول منذ أكثر من 45 سنة. أنهى دراسته الجامعية الاولى والعليا في الهندسة والادارة من جامعات تكساس، لويزيانا، كاليفورنيا، و هارفرد في الولايات المتحدة بعد انهاء دراسته الثانوية في القدس. عمل في الولايات المتحدة واوروبا. كما ساهم في الاعمال التأسيسية للعديد من شركات البترول الوطنية العربية في الخليج والعراق وافريقيا،

أكذوبة القرن لم تغير من الواقع شيئا.. فالاحتلال بقي احتلالاً من البحر إلى النهر لم تغيره أكذوبة الشرعية الدولية سابقا..

 

د. عبد الحي زلوم

وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية خطة جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي بأنها “أضغاث أحلام ولا تَمتُ للواقع بصلة”.

نيويورك تايمز قالت في مقال عنونته “مشروع جاريد كوشنر لتنمية الشرق الأوسط”، إن الخطط المعروضة في  مؤتمر المنامة “حلم كبير” بعيد المنال و”لا تمت للواقع بصلة”.

 أهم نتائج هذا المؤتمر المؤامرة أنه كشف مدى السقوط والخضوع والذل لصهاينة العرب الذين زاودو في سقوطهم حتى على الصهاينة اليهود.

سنبين انه لم يكن هناك صفقة وإنما محاولة تثبيت الاحتلال كأمرٍ واقع واشهار التحالف السري بين الأنظمة والكيان الصهيوني. أما مجموع ما تم اقتطاعه من المساعدات للاونروا للمستشفيات الفلسطينية في القدس والمساعدات لسلطة رام الله بمجموعها أكثر من الحصة المقترحة (للازدهار) حسب الطريقة الكوشنرية.

1-  حيّ  الله مجلس أمة الكويت وشعب الكويت ودولة الكويت :

في بيان لمجلس الأمة الكويتي يوم الاثنين: 24/06/2019 دعا الحكومة لإعلان موقف حازم وحاسم بمقاطعة أعمال اجتماع البحرين.  جاء في البيان:” نرفض كل ما تسفر عنه أعمال الاجتماع من نتائج من شأنها أن تساهم في تضييع الحقوق العربية والإسلامية التاريخية في فلسطين المحتلة”. وامتثلت دولة الكويت وقاطعت ورشة البحرين.

كانت الكويت الصغيرة بحجمها اكبر من كل من حضر ورشة البحرين مجتمعين وأفراداً ذلك لأنها تحترم  شعبها و عروبتها وإسلامها  . ولكن لصياغة بيان المجلس معاني ودلالات كثيرة وكبيرة . فالبيان أوضح بشكل قاطع  أن المؤتمر هو”لإضاعة الحقوق العربية والإسلامية التاريخية في فلسطين المحتلة”. ففلسطين أرض عربية إسلامية محتلة وليست كما يقول بعض الصبية الجهلة بأن للصهاينة حق بإقامة دولة عليها وهي عربية إسلامية قبل أن تكون فلسطينية وواجب العرب والمسلمين قانوناً وشرعاً أن يحرروها من الاحتلال.

شعب الكويت العربي المسلم الأصيل هو جزءٌ من شعب الجزيرة العربية ولا يقل عنه عروبة وإسلاماً متى استطاع أن يوصل صوته عبر ديمقراطية مؤسسية بدلاً من شمولية الحكم العائلي والقبلي .والأمر لا يقتصر على شعب الجزيرة العربية بل بقية شعوب الوطن العربي المغلوبة على أمرها من أنظمة شمولية ساهمت في مؤتمر البحرين .

2-  شهود الزور لكوشنر هم قلة القلة:

إنهم بضع مئات من القبائل والعوائل التي تستمدُ شرعيتها من خارج أوطانها ومعهم فئة قليلة من بطانة سوء من المنافقين.

عدد سكان البحرين حوالي نصف مليون نسمة أي يمثلون ثلث الواحد بالمئة فقط من سكان الوطن العربي . و أغلبية سكان البحرين هم من خيرة العرب ومن أكثر أهل الخليج تقدماً وحضارة. وهم في غالبيتهم وطنييون عروبيون ومسلمون حريصون على فلسطين ومقدساتها .

والأمر كذلك بالنسبة لدولة الإمارات (العربية) المتحدة.  مع احترامنا لشعب إخوتنا في الإمارات فلقد وضعهم الاستعمار حين رسم الحدود بمشكلة. فهم اليوم أقلية في بلدهم عددهم حوالي مليون نسمة ويمثلون 17% فقط من السكان. وهم أقلية في بلادهم حيث أن 83% من السكان هم من الهنود والفلبينيين وبلاد آسيا الأخرى .  مجموع سكان البحرين والإمارات يساوي اقل من 1% من مجموع سكان الوطن العربي والمطبعون هم بضع مئات فقط من هذه 1%.إن الأمن القومي لدول الخليج يأتي بالانتماء إلى بعدها العربي والإسلامي لا بالتحالف مع أعداء الأمة. فهؤلاء لن يحبوكم حتى تتبعوا ملتهم وحتى آخر بترودولار في صناديقكم السيادية وآخر قطرة نفط في أرضكم !

3-  لم يكن هناك صفقة ولا هم يحزنون:

عملت ماكينات الإعلام والتجهيل الغربية وتوابعها من الإعلام المأجور العربي بالتطبيل والتزمير إلى صفقة قرن لإحلال السلام والازدهار للشعب الفلسطيني . وكانت بداية هذا الحب المفاجئ لازدهار الشعب الفلسطيني (ومن الحب ما قتل) أن تم قطع المعونات عن المنظمة الدولية لتشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وقطع المساعدات عن المستشفيات الفلسطينية في القدس وإغلاق مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن وإهداء القدس إلى الكيان المحتل واقتطاع الحقوق المالية الفلسطينية المتحققة من الجمارك عن السلطة  وقطع المساعدات عن غزة ومحاربة الصيادين في مياه غزة في مصدر رزقهم . هكذا هو العطف والحب والازدهار الموعود .

إذن قامت إدارة نتنياهو ترامب بتنفيذ متطلبات أقصى اليمين الصهيوني بالنسبة لفلسطين ولم يبقى سوى ضم ما تبقى من الضفة الغربية كما وعد نتنياهو ناخبيه أثناء الانتخابات الأخيرة وكما صرح المستوطن الكبير سفير الصهيوأمريكية في تل أبيب فريدمان بأن لإسرائيل الحق في ضم أجزاء من الضفة الغربية. الأكذوبة هنا أن هناك صفقة سياسية قادمة .

لم يبقى إذن شيئ سوى مراسم تشييع جنازة كل هذه الحقوق العربية في فلسطين في حفلة يقودها شهود الزور.

أما أكذوبة الصفقة الاقتصادية للازدهار الفلسطيني حسب الطريقة الصهيوأمريكية كما في البحرين فالمطلوب 50 مليار دولار على 10 سنوات أي 5 مليار في السنة وتوزع على 4 دول هي(الأردن وفلسطين ومصر ولبنان) أي 1.25 مليار بالسنة . المضحك المبكي أن مجموع المساعدات التي كانت تقدم إلى الأونروا والسلطة والمستشفيات كانت تزيد عن مبلغ الازدهار الصهيوني كما في صفقة نتنياهو ترامب كوشنر ! تغلب صهاينة نتنياهو وكوشنر حتى على المرابي اليهودي شايلوخ كما جاء في مسرحية تاجر البندقية لشيكسبير والذي طالب بقطعة من لحم المدين أنطونيو سداداً للدين  حسب صفقة بين المرابي والمدين . وهكذا هو الحال اليوم وفقا  لمسرحية صفقة القرن. المطلوب هو لحم شعب بأكمله !

ما تحقق في مسرحية الصفقة هو انكشاف المستور ، والذي يضيف قبحاً فوق قبحٍ  على المطبعين الجهلة ، إلا أنه لم يُغير في حقيقة الأمر شيئاً . جاءت  دويلات سايكس بيكو وإنشاء البنية التحتية لدولة الاحتلال في سنة واحدة أواخر الحرب العالمية الأولى . كانت هذه الكيانات أو الدول أو الدويلات هي جزء من نظام وظيفي وضع مخططوه الوصف الوظيفي لكل دولة أو كيان لخدمتهم ولم ينشأ ويترعرع ويتمدد الكيان الصهيوني إلا بالتوافق مع منظومة الكيانات ! ما حصل اليوم هو الانتقال من السرّية إلى شبه السرّية وإلى العلانية . هذا يثير في النفوس اشمئزازاً وقبحاً لكنه لا يغير في الواقع شيئاً . ففلسطين محتلة من البحر إلى النهر ولا يضيرها هذه التصريحات ولا البهلونيات فكما قالت أسماءُ قولَتَها المشهورة : ” لا يَضُرُّ الشاةَ سَلخُها بَعدَ ذَبحِها.” والملخص المفيد أن ما اخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة . وفي معادلات القوة اليوم فإنها قوة المقاومة .

4-  كلام الأمريكان بالنهار يمحوه الليل:

وعد الأمريكيون بأنهم سيحولون مصر بعد كامب ديفيد إلى جنة الله في أرضه. وادعى قبلهم أنور السادات بأن الحروب مع إسرائيل هي سبب مشاكل مصر وصرح بأن حرب أكتوبر 1973 هي آخر الحروب. وقعت مصر اتفاقية السلام فماذا حصل ؟  ادعت أمريكا بأنها جاءت للعراق لنشر الديمقراطية ففككت البلاد وقتلت وجرحت أكثر من مليون وماذا حصل ؟

المطلوب اليوم أمريكياً وصهيونياً هو قبول الأمر الواقع باحتلال صهيوني لفلسطين من البحر إلى النهر وبتوطيين اللاجئين في أماكن أقاماتهم وتحقيق شعار حزب الليكود (للأردن ضفتان هذه لنا وكذلك الأخرى) وتحقيق هيمنة سياسية وعسكرية ثم اقتصادية عبر أحلاف مع دول الخليج كبداية للامبراطورية الافتراضية لإسرائيل الكبرى يصبح بها نفط وبترودولارات العرب تحت هيمنتها بشكل مباشر وإن كان أكثره اليوم تحت سيطرتها عبر سيطرتها على صناديق الاستثمار السيادية الخليجية.

أقول لأهلنا في الخليج وأتمنى أن لا يحدث ذلك:  سيأتي يوم تقولون فيه أننا أُكِلْنا يَومَ أُكِل الثَّورُ الأبيَضُ.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/07/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد