التقارير

#تقرير_خاص : #الصين بدلاً لـ #أمريكا.. #السعودية تعدل حلفاءها

رائد الماجد...

شاركت وكالات الاستخبارات الأمريكية، الأسبوع الماضي، معلومات كشفت عن مساع سعودية لتطوير صاروخ باليستي بدعم من الصين. بعد ذلك بوقت قصير، أجرت إيران مناورات "الرسول الأعظم-17"، استُخدمت خلالها صواريخ باليستية؛ ما أدى إلى إعادة الخليج للواجهة الدولية.

وتشكل حقيقة أن كلا البلدين (السعودية وإيران) يحصلان على المساعدة من الصين لتطوير برنامج للصواريخ الباليستية مشكلة خطيرة للسياسة الأمريكية الراهنة المتمثلة في تطويق الصين. ويشعر العالم بالفضول حيال رد الولايات المتحدة على هذه الخطوة من قبل السعوديين، خاصة أنها -حتى الآن- قابلت بحدة أي تحرك من قبل حلفائها بالمنطقة لتطوير تعاون مع الصين في المجالات الاستراتيجية. 

وفي الواقع، يمكننا القول إن الوضع الحالي يرجع إلى عدم القدرة على التنبؤ بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة وإصرار الصين على مواصلة الدفاع عن مصالحها الحيوية بمنطقة الخليج.

ويحمل تحول السعوديين إلى الصين، أكبر منافس للولايات المتحدة في صناعات الدفاع والأسلحة، رسائل مهمة. فهناك تغير مهم جار في سياسة الولايات المتحدة التي اعتبرت في الماضي الشرق الأوسط أولوية في سياستها الخارجية لمحاصرة السوفييت، وضمان أمن الطاقة، ودعم أمن "إسرائيل". 

وحتى بداية عام 2010، كانت أمريكا الضامن الأهم للاستقرار السياسي لدول الخليج ووحدة أراضيها، لكنها بدأت منذ ذلك الحين في الابتعاد عن دورها كضامن في المنطقة.

ومع هذا التوجه للولايات المتحدة، التي لم تعد تعتمد على موارد الطاقة في المنطقة ووضعت أولوية لسياساتها الخارجية تتمثل في تقييد الصين عبر استراتيجية "المحور الآسيوي"، بدأت منطقة الخليج تفقد أولويتها، التي اعتبرت الخليج منطقة حيوية لمصالح الولايات المتحدة، وتعهدت باستخدام كل الوسائل للرد على أي تحديات تواجه المصالح الأمريكية في هذه المنطقة. 

إن تآكل دور الولايات المتحدة كضامن لأمن الأنظمة في الخليج، وإجبار حلفائها في المنطقة على الدفاع عن أنفسهم، هو أهم سبب وراء بحث السعوديين عن بدائل مختلفة.

لقد مثل الفراغ الإقليمي في القوة الذي أحدثه تجريد الولايات المتحدة من دورها كضامن للأمن في المنطقة فرصة مهمة للصين التي ظلت، لسنوات عديدة، تبحث عن مكان في المشهد السياسي العالمي. وتتحول الصين حاليا إلى استراتيجية تشمل محاورها: أمن الطاقة، والتجارة والاستثمار، والرد على الأنشطة العسكرية الأمريكية في بحر الصين الجنوبي، وإنشاء تحالفات إقليمية بشأن قضية الإيجور.

فمنطقة الخليج تعتبر ذات أهمية لا غنى عنها من حيث أمن الطاقة بالنسبة للصين، التي تتزايد احتياجاتها من الطاقة بسبب اقتصادها سريع النمو. إذ تمتلك منطقة الخليج وحدها نحو ثلثي احتياطيات النفط والغاز الطبيعي العالمية، وهي قريبة جدا جغرافيا من الصين.

عنصر آخر يجعل منطقة الخليج مهمة بالنسبة للصين، وهو المزايا الاقتصادية والجيوسياسية الفريدة التي تقدمها المنطقة من حيث فرص الاستثمار والتجارة. فمنطقة الخليج تعد ذات أهمية لا غنى عنها لنجاح مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، التي تم الإعلان عنها عام 2013. 

إضافة إلى ذلك، فإن دول الخليج، التي تمتلك احتياطيات نفطية غنية وتتجه إلى مشاريع البنية التحتية الهامة باستخدام الأموال الضخمة لديها، تقدم مزايا كبيرة من وجهة النظر الصينية، التي تعتبر الاستثمار والتجارة أهم عنصر في سياستها الخارجية.

أصبحت السياسة العالمية خلال الفترة الحالية مسرحا لمنافسة جيوسياسية شديدة بين الولايات المتحدة والصين، في هذه المنافسة، تبرز منطقة الخليج كمنطقة مهمة للغاية؛ بسبب موقعها الجيوسياسي ومزاياها الأيديولوجية وغناها بموارد الطاقة. ولسنوات عديدة، عارضت الولايات المتحدة بشدة تعاون حلفائها في المنطقة مع الصين في مجالات التكنولوجيا المتقدمة وصناعة الدفاع. لكن عدم القدرة على التنبؤ بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الآن أجبر حلفاءها الذين لديهم تصور متزايد بالتهديد، على البحث عن بدائل.

أضيف بتاريخ :2022/01/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد