التقارير

#تقرير_خاص : مجزرة "ابن سلمان".. برعاية "الانفتاح"

 

رائد الماجد...

يبدو أن الانفتاح والتسامح في دولة آل سعود يستثني أبناء الأقليات الطائفية، فالمحرقة هذه المرة أتت برعاية “التحضر” و”الوجه الآخر” الذي يريده صبية بن سلمان، وفي سياق استكمال فك الارتباط بالشريك التاريخي المتمثل بأتباع محمد بن عبد الوهاب. 

تُرتكب هذه المجزرة في الوقت الذي تتوالى فيه التحليلات الغربية والعربية التي تتناول ما ورد على لسان صبي “المملكة” في مقابلته مع مجلة “ذا أتلانتك” الأميركية، حيث برز تصريحه المرتبط بالتنوع المذهبي التي تنعم به “مملكة الخير”، حتى أتت أولى ثمار هذا الاعتراف من خلال إعدام 41 شابا من القطيف. 

لم يمر وقت طويل على ادعاءات بن سلمان الفارغة والحبلى بالكذب والنفاق، بعد أن صرح لمجلة “ذا أتلانتك” الأميركية بالجهود التي بذلها للتخلص من أحكام الإعدام، عدا فئة واحدة،لا ضير أننا بوصفنا أفراداً متلقيين أن نتنبه إلى أن أغلب الإعدامات التي نفذت أول من أمس، كانت أحكاما تعزيرية، ما يعني أن بن سلمان وحده وإلى جانبه والده الغائب الجسد الحاضر الذكر، هما فقط قادران على وقف تنفيذ الحكم. وعليه إن محمد بن سلمان، وعلى مرأى ومسمع العالم بأكمله أقدم على تبني نهج أسلافه، بل بذخ في عطشه للدماء، مستغلاً بذلك حالة تصدع النظام الدولي القائم والحرب الصامتة بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية على الأراضي الأوكرانية بمفاعيلها المدمرة. 

عمد بن سلمان في توجهه للمتلقي الغربي إلى الإيحاء بأنه زُجَ في مؤامرة أكبر منه، فيما يتعلق بعملية قتل الصحافي جمال خاشقجي، وهو يدرك تماما مدى تأثير هذه القضية على وعي الجمهور الغربي، وفي معرض دفاعه عن نفسه، انبرى “ولي العهد” في الحديث عن المشاعر الإنسانية. 

لا يؤمن محمد بن سلمان، كما ادعى في لقائه، بالأسلوب المعتمد في قتل خاشقجي باعتباره غير قانونيا، لكنه يؤمن بطبيعة الحال بالاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والمحاكمات السريّة، وتعليق المشانق، وكل أشكال القتل التي يجعل من الدين الإسلامي شماعة لها. 

نحن اليوم حقيقة ماذا ننتظر من المجتمع الدولي؟ بكل مؤسساته وهيئاته ومنظماته التي تدّعي ما تدعي من حمايتها لحقوق الإنسان، إذا كان الممول الأكبر لها يتمثل في الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من دول الاستعمار، فما المفيد من التهليل لبيان تنديد أو استنكار لا يعدو كونه حفاظا على ماء الوجه. 

إن النظام السعودي وفي تبنيه الكامل لكل أشكال القوة تحت مظلة “الشرعية” البعيدة كل البعد عن “المشروعية”، يقول لحلفائه من الدول الغربية وعلى رأسهم البيت الأبيض ” أنا حرّ السيف، وأنتم أضعف من قرار التفريط بي”. 

توّسع النظام السعودي في استخدام القوة، وإصراره على نهج “قتل” الأصوات المعارضة في البلاد وبجرعات زائدة لهو دليل على انخفاض مؤشر الشرعية، وبالتالي إن محمد بن سلمان يحرض شعور الكراهية والنقمة لدى شريحة واسعة من المجتمع وصولاً إلى عتبة بطلان قيمة الخوف ومفعوله في التأثير على ردات فعل الجمهور وطبيعة إدراكهم وترجمة مفعول القوة الممارسة من قبل النظام السعودي. 

عندها فقط يبطُل مفعول قوة آل سعود، عندها فقط لا يمكن مضاهاة القوة العسكرية أمام صلابة الموقف المجتمعي، الذي كان قد تشكل على مر العقود وبفعل التراكم التاريخي من العنف الممارس بحقهم.

أضيف بتاريخ :2022/03/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد