التقارير

تقرير خاص: لا يمكن الفصل بين #البحرين والشيخ #قاسم.. من يقف خلف التأزيم في #البحرين؟

 

أسقطت جنسية الشيخ عيسى قاسم كل شرعية عن ممارسات النظام في البحرين وكشفته أمام الرأي العام العالمي وعرته في وسط محاولات لتلميع صورة ما عادت صالحة للإصلاح طالما هي بعيدة عن آمال ورغبات الشعب بالحصول على الحقوق المدنية والسياسية كافة.

كثر قالوها صراحة أو تلميحا إلا قلة قليلة، نظام البحرين يتصرف وكأنه المالك المطلق للوطن والدولة والشعب هناك دون أي ضابط أو معيار أخلاقي أو قانوني أو إنساني، وإلا كيف يمكن تفسير إسقاط جنسية شخصية عملاقة كهامة الشيخ عيسى قاسم، الذي يمثل الضمانة الحقيقية لاستقرار البحرين حاضرا ومستقبلا، لما يمثله من مقام ديني رفيع وموقع كبير على مستوى الوطن والأمة يسكن قلوب وعقول البحرينيين على اختلاف مشاربهم.

 

الجنسية حق وليس منّة

ومن القائل أن الجنسية هي منحة تمنح أو منّة تعطى بإرادة الحاكم المطلقة يتكرم بها على من يريد ويحرمها لمن يريد ساعة يريد، فليس المسألة مسألة شخصية حيث يتفضل الحاكم من ملك أو أمير أو غيرهما لمنح الجنسية إلى شخص لأنه يستسيغه بينما يسقطها ويسحبها من آخر لأنه لا يحبه ويكن له العداوة أو البغضاء، فالجنسية هي حق ورابط دم ووفاء بين الإنسان ووطنه الذي ضحى في سبيله وأعطاه كل عمره ووقته وفكره دون الإضرار به حتى عندما يتعرض لظلم من هنا وهنا.

وكل هذه الحقائق أظهرت فداحة الخطوة التي ارتكبها نظام البحرين عندما قرر تجريد الشيخ قاسم من جنسيته، فالنظام هناك توهم أنه بإمكانه تمرير هكذا "خطيئة" بسهولة تامة في ظل تصعيده العام في البلاد أمام سلمية وهدوء وحكمة الشعب البحريني الذي لا يريد الانجرار إلى أي فتنة يستدرج إليها وكل ذلك بفضل وعي وصوابية تقدير قياداته وفي طليعتهم الشيخ عيسى قاسم، ولكن مراجعة بسيطة لخريطة المواقف التي صدرت محليا وإقليميا ودوليا تؤكد أن النظام ارتكب ما لا يمكن مساندته به أو تغطيته حتى من قبل الكثيرين ممن دعموه وساندوه في كثير من ممارساته وأخطائه التي ارتكبها منذ سنوات عديدة.

 

مواقف التنديد عارمة.. والقضاء غائب!!

فحتى الولايات المتحدة الأمريكية (وهي من أهم الداعمين لركائز النظام البحريني) لم تستطع إلا انتقاد خطوة سحب جنسية الشيخ قاسم وكذلك فعلت العديد من الدول الأوروبية والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية والإقليمية ودول العالم بالإضافة إلى سيل ضخم من المواقف الإسلامية والعربية ناهيك عن مواقف الشعب البحريني بكل جمعياته وقياداته التي عبرت عن رفضها لقرارات النظام وتضامنها اللامتناهي مع الشيخ قاسم، كما انها حذرت من أن خطوة النظام هي بمثابة إعلان حرب وإسقاط لكل الضوابط والخطوط الحمر في علاقته مع البحرينيين.

ومن المواقف الدولية البارزة ما أعلنته المتحدثة باسم "مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" رافينا شامداساني حيث قالت إن "قرار البحرين إسقاط الجنسية عن الزعيم الروحي للأغلبية في الشيخ عيسى أحمد قاسم غير مبرر وفقا للقانون الدولي"، وأضافت "بالنظر إلى أن الإجراءات القانونية لم تتبع فإنه قرار لا يمكن تبريره إطلاقا".

من جهتها، طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" النظام البحريني بالعدول عن قراره التعسفي بتجريد الشيخ عيسى قاسم من جنسيته، وأشارت إلى أن "المحاكم البحرينية منحت وزارة الداخلية سلطة كاملة لسحب الجنسية من أي بحريني"، وأشارت إلى أن "الحكومة والعائلة الحاكمة في البحرين أوصدت بإجراءاتها الأخيرة باب الإصلاح السياسي... وهو ما يحتم على حلفائها في واشنطن ولندن إدانة هذا الأمر بشكل قاطع وعلني وتوضيح أن هذه الاستفزازات سيكون لها تأثير على المساعدات العسكرية والعلاقات الإستراتيجية..".

كل هذه المواقف خرقها بعض المواقف الشاذة التي دعمت وأيدت نظام البحرين وكان ابرزها موقف المملكة السعودية ومن يدور في فلكها في "مجلس التعاون الخليجي" بالإضافة إلى موقف "جامعة الدول العربية" التي سارعت للتأييد حتى اعتقدنا لبرهنة من الزمن أن نظام البحرين ساند الشعب الفلسطيني أو رفع راية تحرير المقدسات المحتلة في فلسطين من رجس الاحتلال الإسرائيلي!!

 

الحل بوقف التصعيد

هذه المواقف المؤيدة لقرار النظام البحريني تكاد توحي بأن هناك غرفة عمليات واحدة هي التي تقرر وتنفذ في آن، فكأن هناك من يقرر دفع البحرين إلى مزيد من التأزيم كمدخل لتأجيج النار المشتعلة في المنطقة ككل، وإلا لماذا الإصرار على مزيد من التصعيد واتخاذ القرارات الاستفزازية للشعب البحريني ولقياداته؟ وبالنسبة للنظام في البحرين أليس الأفضل له في ظل كل الشواهد التي حصلت وتحصل في المنطقة أن يعمل للتقرب من شعبه وناسه وقياداته الدينية والمدنية؟ أليس الأنسب والأكثر راحة لهذا النظام هو تحقيق مطالب الناس بالإصلاح والتغيير والابتعاد عن أخذ البلاد إلى عنف والرهبة خاصة أن الحراك البحريني طالما تميز بالسلمية المطلقة دون أي تأثر بكل ما يجري حوله من موجات عنف؟ فهل هناك من يدفع النظام البحريني إلى هذا التصعيد بهدف الوصول إلى تحقيق أهداف ما؟ وإن كان فعلا هذا النظام مغلوب على أمره في هذا المجال لماذا لا يلجأ إلى شعبه وقياداته كأمثال الشيخ عيسى قاسم لطلب النجدة والمشورة والعون للخروج من أزماته كلها؟

وبالانتقال إلى الراعي الإقليمي الأول للنظام البحريني في المنطقة أي النظام السعودي، لماذا لا يتدخل هذا النظام لإسداء النصح لشقيقه الأصغر في المنامة بأن لا لزوم لمزيد من التصعيد والتأزيم والمشاكل الداخلية بل الأفضل البقاء على سلميتك في العلاقة مع الناس، أم أن هناك رغبة سعودية بتصعيد الأمور وإشعالها في البحرين؟ وهل هذه الرغبة السعودية نابعة من إرادة ذاتية أم أن هناك من يطلب ذلك من المملكة؟ ولماذا؟

هذه التساؤلات المشروعة تطرح لأن تصعيد النظام البحريني باتجاه الشعب والقيادات الدينية جاء بعد أقل من شهرين على زيارة وزير الخارجية الأمريكية للبحرين حيث حضر اجتماع دول "مجلس التعاون الخليجي" وجرى خلالها البحث في "التحديات التي تواجه المنطقة"، فهل من هذه التحديات هي ضرورة التصعيد في المنطقة انطلاقا من البحرين؟ وهل كل ما يجري يتم بضوء أخضر أمريكي أبلغه كيري خلال زيارته إلى من يعنيهم الأمر في البحرين وغيره من دول المنطقة؟؟ وهل يكفي هنا لرفع الشبهة عن الإدارة الأمريكية مجرد إصدار بيان عن وزارة خارجيتها تقول فيه إن إسقاط جنسية الشيخ قاسم هو "قرار تعسفي"، وأن الأمريكيين يشعرون بـ"القلق" وأنهم "منزعجين" جراء ذلك، وأضاف البيان الأمريكي أن "خطوة سحب الجنسية عن الشيخ عيسى قاسم وغيرها من الإجراءات الأخيرة ستحرف البحرين أكثر عن مسار المصالحة"، وهنا بيت القصيد.. لذلك ابحثوا عن أمريكا ومن خلف أمريكا من كل ما يجري في المنطقة وبالبحرين..

أضيف بتاريخ :2016/06/23