آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. محمد عبد الفتاح شتيه
عن الكاتب :
مدير مركز الاستقلال للدراسات الإستراتيجية

حرف البوصلة من تحرير القدس إلى تدمير إلى طهران

 

د. محمد عبد الفتاح شتيه

في محاولة أخرى لتمرير صفقة القرن تتجه الولايات المتحدة الأمريكية نحو تعبئة الرأي العام العالمي بأن إيران قنبلة نووية مؤقتة ، إذا لم يتم نزع فتيلها بتعاون أعضاء المجتمع الدولي  وفق تدابير وإجراءات فرض العقوبات والهجوم العسكري الإستباقي، فإن هذه القنبلة ستنفجر وتضع نهاية الحياة على كوكب الأرض، وأن هذا العمل واجب على أعضاء المجتمع الدولي وأهم من إنهاء الإحتلال الإسرائيلي ووقف جرائمه اليومية بحق الشعب الفلسطيني، حيث صرح جسيون غرينبلات الذي يزعم أنه مبعوث الإدارة الأمريكية لعملية السلام في الشرق الأوسط ” لم تعد القضية الفلسطينية هي الصراع الأساسي في المنطقة وإنما أكبر تهديد هو إيران”
هذه الشيطنة لإيران من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل هي أحدى الوسائل التنفيذية لصفقة ــــ القرن ــــ إنهاء الحقوق الفلسطينية الفردية والجماعية، من خلال صرف نظر العالم عن ما يدور من مصادرة للأراضي الفلسطينية وهدم للمنازل وتوسع استيطاني وطرد واعتداءات على المدنيين الفلسطينيين وفرض حصار اقتصادي على الشعب الفلسطيني في محاولات يائسة لتركيعه وإعلانه القبول بالطروحات الأمريكية الإسرائيلية ذات الطابع الإقتصادي على حساب الوضع السياسي.

إن المباديء التي تعلنها الإدارة الأمريكية  ـــ الديمقراطية،  السلام ، حقوق الشعوب ـــ  ينزوي ورائها الإرهاب والتهديد للسلم والأمن الدوليين في المجتمع الدولي بأسره، وانتهاك لحقوق الشعوب الفردية والجماعية، فالديمقراطية والسلام وحقوق الشعوب لا تتحقق بالعدوان على الشعوب وتشريدها، وتدمير الحضارات كما دُمرت العراق وغيرها من الدول العربية، بل تتحقق بتحرير الشعوب وتمكينها من حقوقها الواردة في كافة المواثيق الدولية بل والشرائع السماوية.

  تنصب الولايات المتحدة الأمريكية نفسها حارس الديمقراطية والسلام والأمن الدولي، وتدمر كل من يعارض سياستها تحت هذه الشعارات الزائفة، مما يُلقي على عاتق دول العالم الوقوف في وجه السياسة الأمريكية، وإذا كانت هذه الدول غير قادرة على ذلك، فليكن عدم الإشتراك في عدوان الولايات المتحدة على الشعوب وحقوقها وذلك أضعف الإيمان.

ووفقا لما هو مستقر في نظريات الأمن الدولي بإن الإحتلال هو بحد ذاته إخلال بالسلم والأمن الدوليين، فإن استعادة السلم والأمن الدوليين إلى نصابهما يقتضي التدخل من المجتمع الدولي بإنهاء الإحتلال الإسرائيلي وجلائه عن الأراضي الفلسطينية، ومساعدة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وفقا لأحكام القانون الدولي التي تُلقي على عاتق المجتمع الدولي مساعدة الشعوب المحتلة في التحرر وتقرير مصيرها بكل الوسائل السلمية وحتى المسلحة.

لكن نحن لا نطالب المجتمع الدولي أن تكون هذه المساعدة للشعب الفلسطيني بإنهاء إسرائيل من الوجود، وإنما من خلال إعمال مباديء وأحكام القانون الدولي الذي ينظم العلاقة بين أعضاء المجتمع الدولي، فلدى أشخاص القانون الدولي وسائل تُنهي نشاز إسرائيل وتجبرها على وقف جرائمها وإنهاء إحتلالها للأراضي الفلسطيني، فليكن الضغط على إسرائيل بالتهديد بقطع  العلاقات الإقتصادية والدبلوماسية، ولربما التدرج في قطعها، ومنع الطائرات المدنية والتجارية الإسرائيلية من العبور في مطارات الدول المعنية أو الهبوط في مطاراتها، وكذلك الحال بالنسبة للسفن التجارية الإسرائيلية بمنعها من الرسو في الموانيء العربية إحدى هذه الوسائل السلمية في مساعدة الشعب الفلسطيني في الإستقلال، فأساس الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط وتحقيق السلام والديمقراطية جلاء الاحتلال عن أرض فلسطين وليس تدمير إيران.

 

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/08/01