آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. محمد ناهض القويز
عن الكاتب :
شاعر واستشاري كبد في المستشفى التخصصي

قبل خصخصة الصحة


د. محمد ناهض القويز ..

سأكون صريحاً جداً في تناولي لهذا الهمّ الوطني فالأمر لا يحتمل المجاملة ولا مراعاة المصلحة الشخصية والمكاسب المتوقعة في السكوت.

بعد فشل عدة وزراء في الرقي بالخدمات الصحية رغم الميزانية الضخمة، أصبحت الحكومة هي المحرك الأول، فوجدت أن الحل يكمن في خصخصة الخدمات الطبية، وبرغم أن هذا القرار قديم إلا أن الوزارة فشلت في تحقيق هذا الهدف في السابق كما فشلت في الارتقاء بخدماتها. فلم تجد الحكومة بدا من تغيير وزاري جديد مهمته الأساسية خصخصة الخدمات الطبية.

لا اعتراض على الخصخصة فهذا إجراء متبع في الدول المتقدمة، ولكن يبقى السؤال المهم لم يُسأل بعد!!!:

السؤال: ماهو مستوى الأداء الطبي في المستشفيات الخاصة؟
ولنحصر سؤالنا فنقول: ماهو مستوى الأداء الطبي في أكبر وأفضل المستشفيات الخاصة؟ وهل هي مؤهلة للقيام بالدور المنوط بها.

ولأن هذا السؤال لم يُسأل فلم يجر مسح لمعرفة مستوى الأداء الطبي في القطاع الخاص.

وإلى أن تتم آلية الخصخصة فلن نتمكن من معرفة ما إذا كنا ارتقينا بالخدمات الصحية أم أننا حولناها إلى تجارةٍ من دون أن يرفع ذلك من مستوى الخدمة.

وفي ظل عدم وجود مسح لأداء القطاع الخاص لا نستطيع أن نتناول الموضوع إلا من خلال مشاهداتنا من مئات الحالات التي مرت على أهم مستشفيات القطاع الخاص. ومن خلال الحالات نعرف أن القطاع الخاص يعاني من ضعف كبير جدا سواء في القدرات التشخيصية أو العلاجية أو أخلاقيات المهنة "الإثكس".

ولو حاولت وزارة الصحة معرفة أداء القطاع الخاص من خلال الحالات التي يتم إحالتها للمستشفيات التخصصية من قبل القطاع الخاص، لأمكنها أن تدرك أن البهرجة وكثرة الفروع في القطاع الخاص تخفي وراءها خللا كبيرا في التشخيص والعلاج وأكثر من ذلك. حتى في حالات الأخطاء التي أُبلغت فيها إدارات المستشفيات الخاصة تحول الموضوع إلى تحدٍ للمسؤولين واستهتار وعدم اكتراث في أخطاء طبية يصعب قبولها حتى من مستوصف صغير فكيف بمستشفيات كبيرة العلاج فيها باهظ التكاليف.

طبعا كثير من هذه المستشفيات مجازة من JCIA وتعلق الشهادة في مداخلها كصك غفران لممارستها. ولكن هذه الشهادة ليست ضمانة فهي لا تعني أكثر من تحقيق شروط معينة تعطى بعدها المستشفى تلك الشهادة لدرجة أن المستشفيات فهمت آليتها وأصبح الحصول على الشهادة أيسر من ذي قبل.

كنت عرضت لحالات عديدة في مقالات سابقة ومن مستشفيات متعددة ولن أتردد في عرض المزيد من مآسي القطاع الخاص.

لكي أكون منصفاً لابد من الإقرار أن الأخطاء الطبية يمكن أن تقع في أفضل مستشفى في العالم. ولكن الفارق الكبير أن أي مستشفى يحترم مرضاه ويحترم شرف المهنة يقوم بمراجعة الأخطاء ويقر بها ويصدر الإحصائيات ويتعلم منها ويعمل على تفاديها ويعاقب المتسبب فيها. أما في بعض منشآت القطاع الخاص فالخطأ شبه عمد، والتشخيص خاطئ والإجراء خاطئ ومع ذلك يدفع المريض أثماناً باهظة لكل ذلك، والأدهى والأمر أنه قد يدفع حياته ثمناً لذلك.

ولكي لا نَكِل صحة المرضى لمستشفيات همها الأول الكسب المادي فعلى الوزارة أن تتابع أداء تلك المستشفيات والتحقق من الجودة الشاملة ومن وجود برامج رصد الأخطاء والشكاوى والحسم على المستشفيات ومعاقبتها عندما تُحمّل المريض أو شركة التأمين أو الوزارة تكاليف أخطائها.
ولابد من إيجاد محاكم طبية تنصف المريض وذويه.

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/06/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد