آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
سعيد الكناني
عن الكاتب :
‏‏‏كاتب رأي سعودي متخصص في الفلسفة

الخوف من التاريخ وخروج بريطانيا

 

سعيد الكناني ..

ما إن أعلنت النتائج عن تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي، حتى انهالت التصريحات الصاخبة كأنها صخور على المسؤولين الأوروبيين، وكان أولهم رئيس الوزراء البريطاني كاميرون الذي كانت نسبة التفاؤل لديه عالية قبل الإعلان، وبدت النتائج مفاجئة وصادمة له عبر خلالها أنه غير قادر على رئاسة مجلس الوزراء بعد هذه النتيجة، وسيفسح المجال لغيره ممن أيد ذلك.

 

وتأتي بعد تصريحات ديفيد كاميرون تصريحات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي تعد بلاده من مؤسسي الاتحاد الأوروبي بالتعبير عن أسفه لهذه النتيجة وعدها خيارا مؤلما لبريطانيا وهو بمثابة امتحان خطير للاتحاد ككل، ولكن ليس هذا المهم في تصريح الرئيس الفرنسي، إنما الأهم الذي يعبر به عن أن ثمة «خطرا محدقا متمثلا بالتطرف والشعوبية»! يأتي هذا التصريح الذي سرعان ما استعاد الرئيس الفرنسي ذاكرته إلى حقبة تاريخ أوروبي مرير الذي ذكره هولاند بأن «التاريخ يطرق بابنا» فعلى الرغم مما وصلت إليه أوروبا من تطور في شتى المجالات إلا أن الخوف لا يزال يكتنفها من العودة للتاريخ وتطبيقه.

 

فهل يقصد هولاند التاريخ الذي يطرق باب أوروبا الحروب الدينية المسيحية أم العنصرية والكره والبغض لغير الأصول والعروق الأوروبية، أم الأزمة الاقتصادية الخانقة على أوروبا التي تدفع بحكوماتها إلى سبيل التقشف الذي بسببه تتكون مظاهرات دولها، أم الانتفاضة التي عبر عنها بأن أوروبا بحاجة إليها وهي إعادة النظر بعين فاحصة إلى الاتحاد من جميع النواحي؟

 

ربما وهو المتوقع أن الخطر الذي قاله هولاند «التطرف» و«الشعوبية» سيكون أنسب وجهات النظر في اجتماعاتهم المقبلة، إذ الواقع أن ما أخرج بريطانيا ليس إلا تلك الكلمتين.

 

هنا يبرز خوف هولاند من تشكل الاتحاد الهش المعبر عنه ابتداء بالحريات وخطوات ليبرالية غير متوازنة، إلى العودة إلى التطرف اليميني الذي ظهر بشكل رسمي عام 2008 على شكل أحزاب من دول أوروبية عدة بدأت بالرفض لتشكل مسلمين في تلك المدن والتي أسموها فيما بعد «المدن ضد الأسلمة»! وضمن ذلك التوجه كان من ضمنه ما أعبر عنه «دول ضد المهاجرين» التي أدت الآن إلى علو صوت متطرفي تلك الأحزاب وكان أولى نتائجها التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

 

وكأن بريطانيـا تقـول: نترك الاتحـاد بمهاجريه ومسلميه وهي تعلم أنها تعج بالمهاجرين والمسلمين فماذا ستحل بتصويتها؟ وماذا عن الشرارة الأولى لتفكـك الاتحـاد الأوروبـي بفضـل متطرفيـه الذيـن يتوالـون علـى الدعـوات فـي دولهم بالاستفتـاء على غرار بريطانيا وكأن الشرارة تطايرت إلى عمق الولايات المتحدة الأمريكية بولاية تكساس من أحد أحزابها الذي نادى بالانفصال عن الولايات المتحدة الأمريكية والدعوة إلى الاستفتاء على غرار بريطانيا، أهو الصيف الغربي قد حل بفضل اليمين المتطرف؟

 

صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2016/07/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد