آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
خلف الحربي
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سعودي

لماذا لا ينتهي الإرهاب؟

 

ثمة مليون سبب يمكن أن نسوقها لتحليل ظاهرة الإرهاب، نختلف أو نتفق حولها.. كل هذا غير مهم ما دامت النتيجة واحدة، فالناس أصلا لا تعترف بثلاثة أرباع الأعمال الإرهابية ما دامت موجهة لمن يختلفون معهم في الفكر أو العقيدة أو المصالح، وهنا أساس المشكلة بغض النظر عن تعدد الأسباب.

 

مثلا لم يكن وقع الأعمال الإرهابية التي ضربت تركيا سيئا على خصوم الإخوان المسلمين، كما لم يكن وقع الأعمال الإرهابية التي حدثت في مصر سيئا على أنصار الإخوان المسلمين، لا أحد من الطرفين يفكر في الأبرياء الذين سقطوا ضحية لهذا العمل الإرهابي أو ذاك، قلة هم الذين ينظرون إلى الأمور على هذا النحو، فالغالبية للأسف ينصب تفكيرها على السيسي وعلى أردوغان!.

 

وعلى نفس المنوال - ولكن بصورة أكثر حدة بسبب الاستقطاب الطائفي - يقيم الكثيرون الأعمال الإرهابية التي تحدث يوميا في العراق، فإذا كان المستهدف في عملية التفجير شيعة أبرياء، اعتبر الكثيرون ذلك ردا على اضطهاد الميليشيات الشيعية للسنة رغم أن القتلى لا علاقة لهم بهذا الموضوع، وإذا كان المستهدف بالقتل أو الحرق أو التهجير من سنة أبرياء، اعتبر الكثيرون ذلك ردا على ما يفعله تنظيم داعش من أعمال إرهابية رغم أن الضحايا لا علاقة لهم بذلك التنظيم.

 

وعلى الصعيد المحلي، إذا حدثت عملية ضد المواطنين الشيعة تذكر الكثيرون فجأة العمليات الإرهابية الموجهة ضد رجال الأمن في العوامية أو في القطيف دون اكتراث بأسر الضحايا الأبرياء، وكذلك إذا حدثت عملية إرهابية من قبل إرهابيين محسوبين على الطائفة الشيعية ضد رجال الأمن تذكر الكثيرون فورا العمليات الإرهابية التي يقوم بها تنظيم داعش رغم معرفتهم التامة بأن هذا التنظيم المتوحش يستهدف السنة مثلما يستهدف الشيعة بل إنه لم يوفر حتى أقرب المقربين من داخل العائلة الواحدة.

بصورة أو بأخرى، أصبح الحديث عن قيمة النفس البشرية أمرا لا معنى له، وأما التفكير بمصير الأسر التي فقدت أبناءها في مثل هذه العمليات الإرهابية فقد أضحى سلوكا رومانسيا بعيدا عن الجدية، وهكذا لا يتوقف الإرهاب في عالمنا العربي، لأن المناخ العام أصبح مشبعا بذهنية الانتقام ولغة الثأر حتى لو كان المستهدف بهذه العمليات الانتقامية المزعومة أشخاصا أبرياء ليس لهم أدنى علاقة بكل هذا الجنون.

الإرهاب هو الإرهاب ولا يمكن أن يحمل اسما آخر، والقنبلة لا مذهب لها ولا عقيدة، وعمليات التفجير والقتل لا يمكن تجميلها أو تبريرها مهما امتلكنا من قدرات على الفذلكة والفبركة.. وإذا بقينا على هذه الحال نفتش عن العقيدة التي كانت تحملها الجثث المتفحمة قبل أن يحرقها الانفجار فإننا بالتأكيد لن نتخلص من شرور الإرهاب مهما امتد بنا الزمان!.

 

الكاتب: خلف الحربي

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2015/10/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد