آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
جميل المحاري
عن الكاتب :
صحافي وكاتب رأي، خريج جامعة الصداقة بجمهورية روسيا الإتحادية ومرشح نيابي مستقل للدائرة الخامسة بالمحافظة الشمالية - مملكة #البحرين

الدم العراقي والضمير العربي الغائب


جميل المحاري ..

لن أستغرب كثيراً إذا ما قام البعض بالترحم على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» وعد المقبورين منهم من الشهداء الأبرار، والثوار المحافظين على الدين والعقيدة، بعد أن يتم اجتثاثهم واستئصال شأفتهم، والقضاء عليهم دون رجعة.

الماضي القريب يخبرنا بذلك عندما قام هذا البعض بمدهم عن طريق «جبهة النصرة» والتي لا تقل إجراماً عن تنظيم «داعش» بالأسلحة والعتاد والأموال المجموعة عن طريق التبرعات، والحاضر ينبئنا بما قد يذهب إليه من يحاول الآن طمس الحقائق وخلط الأوراق بعد أن استعاد الجيش العراقي منطقة الفلوجة في محافظة الأنبار من القوات الظلامية المتوحشة، في خطوةٍ تعدّ بداية النهاية لهذا التنظيم الإجرامي الذي عاث في الأرض فساداً على مدى ثلاث سنوات، جزّ خلالها رؤوس آلاف الأبرياء، واستعبد الأطفال والنساء، وباعهم في أسواق النخاسة.

فما أن بدأت عمليات الجيش العراقي في أواخر شهر مايو/ أيار الماضي لتحرير أرضه من هذه الطغمة الفاسدة، حتى تعالت الأصوات ذاتها محذرةً من «حرب إبادة جماعية» وعملياتٍ انتقامية، وعقاب جماعي لأبناء الفلوجة، متناسيةً ما قامت به القوى التكفيرية من أعمال بربرية همجية طالت أبناء تلك المنطقة قبل أن تطال أبناء الطوائف الأخرى.

هنالك من ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير متهماً قوات الحشد الشعبي بالقيام بعمليات إعدام جماعية طالت المئات بل الآلاف من أبناء الفلوجة، واغتصاب المئات من النساء وسرقة المنازل، على رغم أن قوات الحشد الشعبي لم يسمح لها بالتقدم إلى الخطوط الأمامية، وذلك ما أكّده رئيس ديوان الوقف السني في العراق الشيخ عبداللطيف الهميم خلال زيارةٍ مع وزير الخارجية العراقي للعاصمة الأردنية عمان في 6 يونيو/ حزيران 2016، حيث صرّح بأن «المناطق التي تشهد عمليات عسكرية لا تشهد عملاً ممنهجاً ضد المدنيين، وإنّما هي خروقات ربما قد تحصل على يد بعض الأفراد»، كما أكّد أن «بعض وسائل الإعلام تزيّف الحقائق وتروّج للأكاذيب، وتحاول التغطية على الانتصارات التي يحقّقها أبناء العراق ضد الإرهاب».

وعلى رغم ما يمر به الشعب العربي العراقي الشقيق من مذابح ومجازر يذهب ضحيتها المئات من الأبرياء يومياً، على أيدي الدواعش عن طريق السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، إلا أن هذه الأصوات لم ترتفع يوماً لتدين هذه العمليات الإجرامية، وكأن دماء أبناء العراق أصبحت أرخص من أن تُذكر حتى في نشرات الأخبار، وكأن قيمة الإنسان العراقي أقل بكثيرٍ من أن توقظ ما تبقى من ضمير عربي.

لقد ذاق هذا الشعب وعلى مدى عقود طويلة من الويلات والمصائب والحروب، ما لم يلاقه أي شعب آخر على وجه الأرض، وذهب مئات الآلاف بل الملايين من أبنائه ضحايا، لا لجرمٍ ارتكبوه أو ذنبٍ اقترفوه، بل لمطامع خارجية مبيتة، وتحالفات دولية تعي تماماً ما يمكن أن يكون عليه العراق لو عاش دون نزاعات، وسياسات دكتاتورية داخلية مجنونة بالعظمة، وقوى ظلامية بشعة تريد أن تجعل من العراق عاصمةً لدولة خوارج هذا العصر.

الآن بالذات، وحين بدأ العراق باسترداد أرضه المغتصبة من الأيادي القذرة، يخرج علينا من يتعاطف بقلبه وجوارحه مع قوى الشر، زاعماً أن «داعش» ليست «حقيقية» وأنها ليست سوى وهم، ولم تقترف من القتل والتنكيل بالناس «عشر» ما قام به نظام الأسد في سورية!

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/07/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد