آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

صيف المعارضة السورية سيكون باردا.. فالحل العسكري بات يتقدم على الحل السياسي


عبد الباري عطوان ..

وجه سيرغي لافروف لوما شديدا يوم أمس إلى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لأنه تراجع عن تحديد موعد جديد لاستئناف المفاوضات السورية في جنيف، وقال في مؤتمر صحافي عقده في باكو، عاصمة أذربيجان، أن بلاده قلقة من تأجيل الجولة الجديدة من هذه المفاوضات، واتهم المبعوث الدولي بالتباطؤ في هذا المضمار.

انتقادات الوزير لافروف للمبعوث الدولي ليست في محلها، لأنه يعرف جيدا أن هناك أسباب موضوعية تقف خلف تأجيل هذه المفاوضات، أبرزها تغير الأولويات الأمريكية الروسية، وانقسامات المعارضة، وتقدم الحل العسكري على ما عداه من حلول سياسية.
***
 
المبعوث دي ميستورا بات يدرك جيدا أن مفاوضات جنيف، وبعد عدة جولات، بات من العبث الاستمرار فيها في ظل غياب تفاهمات روسية أمريكية واضحة، يتم من خلالها ألزام الأطراف المشاركة في هذه المفاوضات، ولعل الزيارة التي سيقوم بها غدا جون كيري وزير الخارجية الأمريكي تتمخض عن تقدم يسمح باستئنافها.

التفاهم الوحيد بين القوتين العظميين، أي أمريكا وروسيا، يحقق ترجمة عملية على الأرض تتسم بالكثير من النجاح حتى الآن على الأقل، ونقصد بذلك استخدام القوة العسكرية للقضاء على “الدولة الإسلامية” في العراق وسورية كخطوة أولى يمكن بعدها العودة إلى الحلول السياسية، ومائدة المفاوضات في جنيف بالتالي.

الولايات المتحدة التي أرسلت 560 جنديا ومستشارا عسكريا إضافيا إلى العراق استعدادا لمعركة استعادة محافظة الموصل من هذه الدولة، كما أن قوات سورية الديمقراطية المكونة في غالبيتها من الأكراد تحقق تقدما على الأرض في ريف حلب، وتشدد الخناق على قوات “الدولة الإسلامية” فيها بدعم روسي أمريكي مشترك، وفي ظل هذا التصعيد العسكري من الصعب الحديث بشكل مقنع عن العودة إلى مفاوضات جنيف.

لافروف يريد أقناع نظيره الأمريكي كيري بضرورة تصفية “جبهة النصرة” وحلفائها تحت ذريعة خرقها لاتفاق الهدنة، وباعتبارها مصنفة على قائمة الإرهاب، وكان لافتا توصيفه لها، أي الجبهة، بأنها تتلون كالحرباء.
 
***
من الصعب تصور أي استئناف جدي لمفاوضات جنيف قبل نهاية العام الجديد، بفعل المتغيرات الجديدة على الساحتين العراقية والسورية، وانخراط قوى إقليمية مثل تركيا والسعودية في الحرب ضد الإرهاب بعد التفجيرات التي ضربتها في العمق، وجرى اتهام “الدولة الإسلامية” بتنفيذها، سواء في مطار اسطنبول أو بالقرب من الحرم النبوي الشريف، مضافا إلى ذلك انشغال الإدارة الأمريكية بالانتخابات الرئاسية والتشريعية في أوائل شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

صيف المعارضة السورية ووفودها، وخاصة وفد الرياض، ربما يكون باردا، وانتظارها للعودة إلى جنيف، ربما يطول أكثر من اللازم، ولم يعد لديها الكثير من أوراق الضغط على القوتين العظميين، بعد أن خرجت الأمور من يدها، وباتت القوى الرئيسية اللاعبة على الأرض، أما كردية أو إسلامية متطرفة.

زيارة السيد وليد المعلم المتوقعة إلى موسكو في أواخر هذا الشهر ربما تأتي للاستطلاع وكسر الحصار، وسبر أغوار القيادة الروسية، للتعرف على أي جديد لديها، ولكن الانتظار هو العنوان الرئيسي للمرحلة المقبلة، وهو انتظار في صالح السلطات السورية في جميع الأحوال.

 صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2016/07/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد