آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد العوفي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

«سعودي أوجيه» تختبر نظام «ساند»


محمد العوفي ..

حصول العمال والموظفين - بغض النظر عن جنسياتهم - على حقوقهم المالية حق مشروع لا جدال فيه، حق تكفله الشريعة الإسلامية والقوانين والأنظمة الدولية، ومن ضمنها نظام العمل السعودي ولائحته التنفيذية الذي يتضمن مواد صريحة تكفل حقوق العمال والموظفين العاملين في منشآت القطاع الخاص لتأسيس علاقة متوازنة بين أصحاب العمل والعمال.

وما تمر به بعض الشركات السعودية حاليا من صعوبات أو عسر مالي، مرت به الكثير من الشركات العالمية وبعض منها لم تستطع التغلب على مشاكلها المالية وأشهرت إفلاسها، لكن ذلك لم يمنعها من دفع حقوق العاملين وتعويضاتهم، لأن النصوص والأنظمة واضحة وصريحة لا تقبل الاحتمالات والتباين في التفسير.

لكن أن تتوقف شركة واحدة عن دفع أجور عمالتها لعدة أشهر، وتخل بالتزاماتها التعاقدية، وتخالف نظام العمل ولوائحه التنفيذية حتى تتحول هذه الحقوق لقضية سياسية تنقلها وكالات الأنباء والصحف، وتتطلب تدخل السلطات السياسية كحال وضع العمالة الهندية، بما يحرج الدولة سياسيا واقتصاديا، ويؤثر على سمعتها، ويضر بها، لا يمكن تجاوزه دون محاسبة.

وانتهاء موضوع العمالة المتضررة بصدور توجيهات خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز بمعالجة أوضاع هذه العمالة من تجاوزات المنشآت التي يعملون بها، من بينها السماح لهذه العمالة بتجديد إقاماتها، واستخراج تأشيرات الخروج النهائي مجانا وعلى حساب الدولة، على أن تتحمل الشركة لاحقا دفع هذه المبالغ، وأن تتعاقد الوزارة مع مكاتب قانونية لمساندة العمالة مجانا في متابعة قضاياهم لدى الشركة، والتأكد من إيصال حقوق العمالة التي قررت المغادرة النهائية، وتكليف الخطوط السعودية بتأمين سفر العمالة من مختلف الجنسيات الراغبة في المغادرة مجانا إلى بلدانهم، ومحاسبة الشركة لاحقا بذلك، والتنسيق مع السفارات ذات العلاقة لتحديد الراغبين في نقل خدماتهم، والاستمرار بالعمل في المملكة، وأولئك الراغبين في المغادرة النهائية، لا يعفي وزارة العمل والتنمية الاجتماعية من تحمل جزء من المسؤولية لتأخيرها في البت في القضايا المرفوعة ضد الشركة وإحالتها لإمارة المنطقة في حين أنها غير مختصة في إجراءات التقاضي العمالي أو قبول شكاوى العمالة والفصل فيها حسبما ذكره المحامي محمد الوهيبي المستشار القانوني لعدد من العمال المتضررين في شركة سعودي أوجيه، ومتابعة التزام الشركة بأنظمة العمل حتى تحولت إلى قضية وتطلبت القيادة السياسية.

على أي حال، ما حدث مع شركة «سعودي أوجيه» قد يحدث مع أي شركة أخرى، وستتخذ الإجراءات نفسها لكل الحالات المشابهة في حال أساءت معاملتها لعمالتها، وصدور التوجيهات بمعالجة أوضاع هذه العمالة المتضررة يعني إقفال القضية سياسيا وإنسانيا، لكن الجانب الآخر منها ما يتعلق بالجانب المالي، ووضع السعوديين العاملين في هذه الشركة لا يزال مفتوحا.

ويفتح جملة من الأسئلة حول مسؤولية وزارة العمل تجاههم، هل سيشملهم تكليف مكاتب قانونية لمتابعة حقوقهم المالية لدى الشركة؟ وكيف تكون معالجة وضعهم المالي خلال مدة التقاضي التي قد يطول أمدها؟ هل سيستفيدون من نظام التأمين ضد التعطل عن العمل «ساند» الذي يطبق على جميع السعوديين، أم يشترط أن يتقدموا باستقالاتهم بسبب ظروف الشركة، ثم التقدم للحصول على ساند، وما هو الضابط في ذلك؟

قد تقول الوزارة إن نظام «ساند» واضح ، فهو يقوم على رعاية العامل السعودي وأسرته خلال فترة تعطله عن عمله لظروف خارجة عن إرادته، وهنا موضع سؤال آخر، هل تعثر الشركة ماليا واستقالة الموظف منها في مثل حالة موظفي «سعودي أوجيه» تندرج تحت الظروف الخارجة عن إرادة الموظف أم ستحتج وزارة العمل والتأمينات الاجتماعية بأن الشركة لا تزال قائمة وقادرة على تجاوزات الصعوبات المالية التي تمر بها مستقبلا، وأن الشركة لم تقم بتسريحهم، وعليهم ملاحقة الشركة قانونيا للحصول على حقوقهم، وأن نظام ساند لا ينطبق عليهم لأن الشركة لم تقم بإنهاء التعاقد معهم، بل هم الذين تقدموا باستقالاتهم.

المهم أن حالة الموظفين السعوديين في «سعودي أوجيه» يمكن أن نعتبرها اختبارا أول غير مباشر لنظام التأمين ضد التعطل عن العمل «ساند»، فلننتظر كيف تفسر «فترة تعطله عن عمله لظروف خارجة عن إرادته» وعندها لكل حادث حديث.

صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2016/08/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد