آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هاني الظاهري
عن الكاتب :
‏‏‏‏كاتب ومستشار إعلامي.. مؤسس مجموعة تسويق الشرق الأوسط للاستثمار.. رئيس مركز الإعلام والتطوير للدراسات

«مساعدة صديق» لوزارة العمل..!


هاني الظاهري ..

كشف التقرير الذي نشرته «عكاظ» أخيرا عن «أول مجمع اتصالات نسائي في المملكة» أن بعض مسؤولي وزارة العمل السعودية يعيشون في عالم آخر من «أحلام اليقظة»، ويحتاجون إلى تدخل عاجل من الأصدقاء لإيقاظهم قبل أن توقظهم سهام الأعداء، فبعد أسبوع من الضجيج الذي ملأ وسائل الإعلام عن افتتاح هذا المشروع تبين أنه مجرد مجمع خاو على عروشه لا توجد بداخله بائعة واحدة أو حتى متجر يعمل على استحياء، والغريب أن مسؤول المركز الإعلامي في الوزارة أعلن عن استغرابه من خلو المجمع مبررا ذلك بقوله: «من المحتمل أن تكون المحلات مغلقة في الفترة الصباحية، ولكن سيكون هناك بائعات في الفترة المسائية»، ما يدل على أن الوزارة خُدعت وتورطت في الدعاية المجانية لصالح المجمع ومع ذلك لم تنجح هذه الورطة في تشغيله، أو تسويق ربع مساحاته التي يكسوها الغبار.

مشكلتنا في معالجة مشكلات سوق العمل تتلخص في أننا لانتعلم من الأخطاء ونظل نكررها إلى ما لا نهاية معتقدين أنها «ستضبط معنا» في إحدى المرات ببركة الله.. هكذا دون محاسبة أو مراجعة سريعة لأساليبنا الفاشلة، فطوال عقدين من الزمن فشلت كل المجمعات النسائية المغلقة التي افتتحت في الرياض لعدم وجود إقبال عليها من الناس، فيما نجحت بشكل لافت الأكشاك والمباسط النسائية التي تنامت كالفطر داخل الأسواق والمولات (المفتوحة للجنسين)، ومع ذلك مازال وهم كثير من الجهات الرسمية بقدرتها على تغيير المزاج الشعبي العام في التسوق قائما وينتقل من ورطة إلى أخرى دون توقف، وهو نتاج ثقافة الاستعلاء على فهم السوق، والاستعلاء أيضا على الدور الحقيقي المناط بتلك الجهات الذي يفترض أن يتوقف عند إدارة السوق لتسهيل الصعاب على العاملين فيها لا تدميرها بأفكار أساسها الأيدولوجيا والمزاج الشخصي ومن ثم تغطية الفشل بإغراق وسائل الإعلام بأخبار وهمية.

هوس «إعادة التنظيم بشكل جذري» والهلع من ضغوط الأصوات المؤدلجة أمران يسيطران تماما على سلوكيات وزارة العمل منذ سنوات طويلة، ومن المؤسف أن ندخل مسار رؤية السعودية 2030 وهذه الوزارة المهمة تسير بنفس الفكر والممارسات، وأجزم أنها لن تنجح في شيء حتى تعترف بأخطائها وتتراجع عنها، فالمشكلة الحقيقية برأيي في فكر الوزارة وليست في السوق كما يتم إيهام الرأي العام عبر أخبار العلاقات العامة بشكل مستمر.

سوق العمل السعودية ليست بحاجة إلى هدم كامل وإعادة بناء، وليست بحاجة كذلك إلى خلق جدران فصل على أساس جنس العمالة لتعمل بشكل صحيح، هي بحاجة لترتيبات بسيطة جدا ضمن مسارها القائم يسهل عليها الاستمرار والارتقاء، وكمثال بسيط: بدلا من إنشاء مجمعات نسائية بالكامل لبيع وصيانة أجهزة الاتصالات والدعاية المجانية لها دون جدوى، يكفي الاشتراط على جميع ملاك المجمعات المفتوحة القائمة بتخصيص نسبة من متاجرها للسيدات، وترك الخيار للمتسوقين والمتسوقات في الشراء من رجل أو سيدة، ولتعتبر الوزارة هذه مساعدة من صديق قبل فوات الأوان على إمكانية العلاج.

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2016/08/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد