آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فهد الأحمدي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

قياس الحكومة (1-2)


فهد عامر الأحمدي ..

كتبت يوم السبت المنصرم قصة عن كيفية تحفيز الآخرين من خلال المنافسة والتحدي.. قصة خيالية (أنصحك بقراءتها) تجري أحداثها في مصنع لقطع الغيار ارتفع فيه الإنتاج بفضل روح تنافسية ابتكرها طبيب نفسي..

كنت أنوي كتابتها كمقدمة لمقال اليوم (عن قياس أداء الحكومة) غير أن القصة طالت وتمددت حتى تحولت إلى مقال مستقل..

على أي حال؛ قياس أداء المصانع والسلع ــ وقطع الغيار ــ أسهل بكثير من قياس أداء البشر والموظفين والعاملين في أي قطاع حكومي..

فـكيف تقيس مثلاً أداء وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والصحة؟
كيف تقيس أداء الأطباء والقضاة والمهندسين أو حتى موظفي الأرشيف؟
كيف تقيس أداء الجنود والمعلمين وموظفي وزارة الخارجية في الخارج؟
... قـد نحتار، وقد نختلف، ولكن المؤكد أن ما نعجز عن قياسه نعجز عن محاسبته، وما نعجز عن محاسبته يجنح بطبيعته إلى الثبات والتخلف..

وهذا بالضبط ماكان يحصل في وزاراتنا وقطاعاتنا الحكومية حين لم تكن هناك وسائل لقياس أدائها وأداء العاملين فيها.. وأمر كهذا جعل الكثير منها يجنح للركود والتخلف ــ خصوصا في ظل بقاء المسؤولين في مناصبهم لأوقات طويلة..

أعرف أن قياس أداء الحكومة يعـد أحد ركائز الرؤية السعودية 2030 (التي أعلن عنها سمو ولي ولي العهد في أبريل الماضي) ولكنني بصراحة أشفق على من سيتولى هذه المهمة.. فقياس أداء الحكومة يتطلب بالضرورة قياس أداء البشر العاملين فيها.. وهذه بلا شك مهمة عويصة ومطاطة تتطلب الكثير من الابتكار والمراجعة، وأقله الحلول والتفكير بطرق غير تقليدية.. مثلاً؛ لماذا لا يتم تقييم مستوى الأطباء بحسب رضا المرضى، وعدد الأخطاء، ومرات التطوع، وسرعة تلبيتهم للنداءات الطارئة؟

لماذا لا يتم تقييم مستوى القضاة بحسب سرعتهم في إنجاز القضايا، ونسبة التزامهم بالدوام، وعـدد النزاعات التي حلوها بالتراضي؟

وفي حين يصعب قياس أداء جنود في الجبهات (كونهم يضحون بأرواحهم قبل كل شيء) يمكننا ترفيع ومكافأة وتشهير من قاموا بأعمال بطولية استثنائية.. حتى في القطاعات المدنية..

أما المعلمون وأساتذة الجامعات فيمكن قياس أدائهم من خلال قياس أداء الطلاب ومستوى تقدمهم العلمي ـ في حين يمكن قياس أداء الممرضين باستفتاء المرضى واحتساب عدد الشكاوى السنوية المقدمة ضدهم..

وقياسات مبتكرة كهذه يجب إجراؤها بطريقة سرية ومحايدة وباستعمال معادلات رياضية وبرامج الكترونية لا تجامل أحداً ــ لأن تكليف البشر بمهمة التقييم يخضع غالباً للمجاملة والعلاقات الشخصية والنصيحة الشهيرة "لا تقطع رزق أحد"!!

... ومن جهة أخرى؛ يجب دائماً معرفة آراء المواطنين (فهم في النهاية من يستهلك الخدمة) وتحويل مستوى رضاهم أو سخطهم إلى وسيلة قياس.. وكي تصلنا أصواتهم يجب إلزام الوزارات والمؤسسات الحكومية بتخصيص أرقام مجانية ومواقع الكترونية لتلقى شكاواهم واقتراحاتهم بل وحتى إشاداتهم بالموظفين ورؤساء الأقسام.. وهذه الخطوة يجب أن تترافق مع وضع صناديق تؤدي نفس الدور وتخدم من لا يستطيعون إيصال أصواتهم بالوسائل الإلكترونية.. وأيا كانت الوسيلة يجب تعيين موظف مستقل (متخصص بطرق الإحصاء) يقوم على فرزها وقياسها وتحويلها إلى رسوم بيانية وأرقام رياضية قبل رفعها للجهات المعنية.
وللحديث بقية..

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/09/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد