سعيد السريحي ..

حين قرأت حديث نائب وزير العمل الذي أشار فيه إلى أنه لا حد أعلى للأجور ولا حد أدنى لها وأن تلك مسألة يحددها سوق العمل، لم أملك إلا أن أتخيل العمال وقد أصبحوا حبات بطاطس أو صناديق باذنجان أو غير ذلك من المنتجات التي تحدد أسعارها قوانين السوق ويتحكم في انخفاض ذلك السعر وارتفاعه قواعد العرض والطلب.

ولأن العمال الذين نتركهم تحت رحمة قانون السوق بشر وليسوا صناديق بطاطس، فقد عقدت منظمة العمل الدولية، والتي أصبحت وكالة تابعة للأمم المتحدة، اتفاقية لتحديد الحد الأدنى للأجور وقعت عليها أكثر من خمسين دولة، وهي اتفاقية تهدف إلى حماية حقوق العمال وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية التي تقلص التفاوت بين طبقات المجتمع وتضمن حياة كريمة للفئات العمالية فيه.

ولم يكن لمثل هذه الاتفاقية أن تتم وتشارك فيها دول عدة من بينها دول عربية لو أن قانون سوق العمل، الذي أشار إليه نائب الوزير، كان قانونا عادلا، كما أن اعتماد الدولة لدينا حدا أدنى لأجور ورواتب عمال وموظفي القطاع العام يؤكد أن الدولة نفسها تتحرى هذه العدالة الاجتماعية في وظائفها، وقد كان الأحرى بوزارة العمل أن تسعى مستعينة بالجهات التشريعية إلى استصدار قرار يلزم مؤسسات وشركات القطاع الخاص بوضع حد أدنى للأجور، لا أن تنفض يدها من هذا الواجب مستسلمة للتناقض الذي يجعلها هي كجزء من القطاع الحكومي العام ملتزمة بحد أدنى لرواتب العاملين فيها في الوقت الذي تترك عمال وموظفي القطاع الخاص الذي تشرف عليه لقمة سائغة لقوانين السوق.

صحيفة عكاظ