آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. منصور الجمري
عن الكاتب :
كاتب بحريني ورئيس تحرير صحيفة الوسط البحرينية

منهجيّة الإقصاء والتوحُّش


منصور الجمري ..

يرصد عبدالباري عطوان في كتابه «الدولة الإسلامية، الجذور، التوحُّش، المستقبل» إستراتيجية التوحُّش التي نفذها تنظيم «داعش» في سورية والعراق ومناطق أخرى، وكيف تمكّن من خلال ذلك السيطرة على ثاني مدينة في العراق، الموصل، من دون قتال تقريباً. هذه الإستراتيجية كانت قد طرحها أحد مُنظِّري «القاعدة» أبوبكر ناجي، في دراسة نُشرت العام 2004 تحت عنوان «إدارة التوحُّش». وعلى رغم أن كاتب الدراسة قُتل في ضربة جوّية أميركية في وزيرستان العام 2008، إلا أن الفكرة التقطها فرع التنظيم في العراق، والذي تحوّل بعد ذلك إلى «داعش».

أطروحة ناجي ترى أن استعادة دولة الخلافة الإسلامية يجب أن تمر عبر مرحلة دمويّة وعنف وحشيّ مُبالَغ فيه من أجل تحقيق المرحلة الأولى وهي «شوكة النكاية والإنهاك». وبعدها تأتي المرحلة الثانية وهي «إدارة التوحُّش» التي تخضع لمنطق الغاب بصورة بدائية، وأن هذا يؤدي إلى انهيار أو ضعف الجيوش النظامية. بعد ذلك يتم تأسيس دولة الخلافة، وأيّة جهة تعارض قيامها يتم التعامل معها على النمط الذي طبّقته «داعش».

هذا التوحُّش - بحسب النظرية أعلاه - يتطلب فكراً وإعلاماً مسانداً، وهذا أصبح أكثر قوة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي. المساندة الإعلامية والفكرية تسعى إلى نزع الصفة الإنسانية (تصوير الآخرين كبهائم تستحق ما يصيبها) أو نزع صفة الإسلام وتحليل سفك دمهم، أو إلصاق تُهَم الخيانة والغدر بهم، ومن ثم نشر الأكاذيب والدعايات من أجل تبرير الجرائم والتجاوزات ضد من يتم استهدافهم.

إن الدراسة التي نُشرت قبل تأسيس «داعش» تُعبِّر عن توجُّهات إقصائية لا تعترف بوجود الآخر، ومثل هذه التوجُّهات نشهد لها نماذج عديدة، وهي تتغذى من أفكار وممارسات منهجيّة تدفع نحو الإقصاء والتوحُّش.
صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/10/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد