آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

لماذا يتحلى الرئيس الأسد بالحذر عندما يتحدث عن ترامب كحليف في الحرب على الإرهاب؟

 
عبد الباري عطوان ..

يُكثر الرئيس السوري بشار الأسد من مقابلاته ولقاءاته مع وسائل الإعلام الغربية التي يقف مندوبوها في طوابير أمام قصره، ويجدون في معظمهم ردودا إيجابية، وربما يعود هذا “الكرم الصحافي” إلى إستراتيجية إعلامية ذكية مفادها الرغبة في الاعتماد على الإعلام الأجنبي لإيصال صوته، أي الرئيس الأسد، إلى العالم وشرح سياساته، وكسر الحصار الذي تفرضه عليه دول عربية وغربية، وحظرها لوسائل إعلامه، وتسليمه في الوقت نفسه بمحدودية هذه الوسائل انتشارا وتأثيرا حتى قبل بدء الأزمة لأسباب معروفة ليس هنا مجال تكرارها.

في آخر مقابلاته مع التلفزيون الرسمي البرتغالي ركز الرئيس السوري على فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وحاول توجيه رسالة مبكرة له تقول “إنه سيكون حليفا طبيعيا لسورية إذا حاربت دولته الإرهاب”.

ولكنه ترك خطا للرجعة، وهو محق في ذلك، بسبب تقلبات مواقف الرئيس المنتخب، عندما شكك في حفاظه على وعده الذي أطلقه أثناء حملته الانتخابية بمحاربة الإرهاب، والتعاون مع “صديقه” الرئيس فلاديمير بوتين في هذا الميدان.

الرئيس الأمريكي الجديد معروف بتقلباته، وصعوبة التنبؤ بمواقفه، وقدراته على التراجع، ومن المؤكد أن هذه الصفات ربما تتحول إلى سياسات معتمدة بعد دخوله البيت الأبيض واستلام مقاليد السلطة بعد شهرين، حيث جيش المستشارين، وممثلي الدولة “العميقة”، أو المؤسسة التي تحكم من خلف ستار.
***
نحن نؤمن بنظرية الحكم على الظواهر، لأن الله هو الوحيد الأعلم بالبواطن، وما سمعناه من ترامب حتى الآن هو “تخطيء” معظم سياسات سلفيه جورج بوش وباراك أوباما خاصة في منطقة الشرق الأوسط، فقد عارض الحرب على العراق، والتدخل العسكري في سورية وليبيا، وقال في حديث لصحيفة “نيويورك تايمز″ بعد فوزه “إن تنظيم “الدولة الإسلامية” يشكل خطرا علينا أكثر من الخطر الذي يشكله بشار الأسد”، وما أثلج صدر الرئيس الأسد أكثر قوله في حديث آخر لصحيفة “وول ستريت جورنال” “استهداف الأسد، أو دعم المعارضة السورية عسكريا قد ينتهي بمواجهة مع روسيا، وهذا ما لا نريده” وتساءل “من هي هذه المعارضة المعتدلة التي ندعمها.. نحن لا نعرف من هم”.

الخبير الأمريكي في الشأن السوري البروفيسور جوشوا لانديز الذي تردد أنه قريب من الرئيس المنتخب، ربما عزز قناعات ترامب هذه ضد المعارضة السورية عندما قال في مقابلة أكاديمية، نشرها موقع (Conflict Forum )، أنه يكفي للنظر إلى المناهج المدرسية التي تُعلمها جبهة “فتح الشام” أو “النصرة” سابقا لتلاميذها في مدارس المناطق الواقعة تحت سيطرتها في سورية، و”تقدم أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة كبطل أسطوري، والهجوم على مركزها التجاري العالمي كعمل عظيم”.

الفكرة السائدة في أوساط مستشاري الرئيس ترامب حاليا يمكن تلخيصها في عدة كلمات أبرزها “أن الرئيس أوباما ووزير خارجيته هيلاري كلينتون ارتكبا خطأ كبيرا باعتقادهما أن سقوط الرئيس الأسد ونظامه حتمي ووشيك، وبادرا إلى تشكيل منظومة أصدقاء سورية، على غرار نظيرتها أصدقاء ليبيا، على اعتبار أن النتيجة ستكون واحدة”، مضافا إلى ذلك أن هؤلاء يعتقدون، أي المستشارين، أن إدارة أوباما “أطالت أمد الصراع في سورية لزعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط عندما أدركت أن النظام السوري لن يسقط قريبا”.

مخاوف الرئيس الأسد النابعة من احتمال تخلي ترامب عن وعوده بمحاربة الإرهاب، ربما تبدو في مكانها، لأن المؤشرات الأولوية حول فريق عمله في البيت الأبيض فور تسلمه السلطة سيكون في معظمه من “المحافظين الجدد” الذين خططوا للحرب في العراق، وقبلها في أفغانستان، حيث يتردد اسم جون بولتون، السفير الأمريكي الأسبق في الأمم المتحدة بقوة، وأنا قابلته شخصيا، واصطدمت معه في أحد برامج محطة “بي بي سي” (Dateline London) قبل حرب العراق بشهر تقريبا، وكان ينضح عداء وكراهية للعرب والمسلمين، ويتفاخر بصداقته مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ويتوعد بتدمير العراق ورئيسه صدام حسين.
***
لا نريد استباق الأحداث، ونحن نحاول أن نقرأ ما بين السطور لكي نتعرف على سياسات الرئيس الأمريكي القادم في الشرق الأوسط، ولذلك نلتزم الحد الأعلى من الحذر، وهذا اضعف الإيمان، فخيبات أملنا في جميع الرؤساء الأمريكيين أكبر من أن تحصى، ونتهيأ للمزيد.

تظل نقطة لا بد من التوقف عندها، وهي أننا لا نعرف كيف سيكون شكل هذا “الإرهاب” الذي سيحاربه ترامب إذا وضعنا في اعتبارنا أنه يحتاج إلى ستة أشهر من تسلمه السلطة للبدء في تطبيق سياساته الأولية، ناهيك عن استراتيجياته.

بمعنى آخر، كيف سيكون حال “الدولة الإسلامية” في حينها، هل ستكون أخرجت من الموصل والرقة؟ وما هي وضعية منطقة حلب وإدلب وريف دمشق؟ وأين ستكون حدود المنطقة العازلة التي تعمل تركيا على إقامتها؟

أسئلة كثيرة لا نملك، وربما غيرنا الكثير لا يملكون إجابة جاهزة عليها.


صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2016/11/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد