آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد العوفي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

نسبة البطالة.. لماذا نقلق؟

 

محمد العوفي ..

أكدت بيانات هيئة الإحصاءات العامة التي أشارت إلى ارتفاع في نسبة معدلات البطالة وصلت إلى 12,1 % ارتفاعا من 11,6% ما ذكرناه سابقا مرارا وتكرارا من أن وزارة العمل تعاني من خلل واضح في الرؤية في حلول قضية البطالة، وأن كثرة البرامج وتعددها لن يخلقا وظائف ولن يحلا مشكلة، واقترحت في أكثر من مقال إيقاف هذه البرامج التي لم تثبت جدواها، ومع ذلك استمرت الوزارة في النهج نفسه، وبالحماس نفسه، لذا لم أستغرب أن ترتفع نسبة البطالة.

هذه النسبة مخيفة ومقلقة للجميع ما عدا وزير العمل والتنمية الاجتماعية الدكتور مفرج الحقباني، الذي لم يبد أي قلق تجاهها، وبدا متماسكا في تصريحاته، وبحسب ما صرح به لوسائل الإعلام فإن لدى الوزارة الحلول للتصدي لارتفاع نسبة البطالة، وإن تعاون وزارته قائم مع جهات عدة للحد من تأثير قلة الإنفاق الحكومي على العمالة الوطنية، وبرر ارتفاع النسبة بدخول خريجين جدد من الجامعات لسوق العمل، إضافة لتوقف العمل ببعض المشاريع.

بغض النظر عن التبريرات التي ساقها وزير العمل لارتفاع نسبة البطالة، التي كان على وزارته التنبه لها عند بناء برامجها وخططها، فإن نسبة البطالة الجديدة لا يمكن تفسيرها إلا من زاوية واحدة، وهي فشل الوزارة في تحقيق هدفها الأول المتمثل في «السيطرة على البطالة»، وأنها لم تستطع الوفاء بما وعدت به سابقا من توفير وظائف يتساوى عددها مع أعداد الداخلين لسوق العمل، والتوسع في توظيف المواطنات الراغبات في العمل، وهذا يجعلنا نخفض سقف التوقعات من مطالبة الوزارة بما ذكرتها في خططها السابقة حول تخفيض نسبة البطالة إلى 5,5%، والاكتفاء بالسيطرة على البطالة عند مستوياتها الحالية أولا، وأن تحد من اتجاه المؤشر صعودا.

الحلول التي ذكرها الوزير بقيت مبهمة دون إفصاح عنها، وتعد كلاما إنشائيا ما لم تتضمن الإجابة عن أسئلة عدة: ما هذه الحلول؟ وكيف ستتصدى لأزمة البطالة؟ ومتى سيحدث ذلك؟ وما هو الرقم المستهدف لتخفيض البطالة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية؟ بالطبع لن يفصل الوزير في شرح هذه الحلول، لأنها لن تخرج عما سبقها من برامج مع بعض التعديلات والتحسينات الظاهرية.

الحقيقة أن ما ذكره الوزير لا يبعث على التفاؤل، ويعني ضمنيا أننا أمام مرحلة جديدة من التجارب لحلول مبنية على ظنية استنتاجية لا مكان لها في القضايا المصيرية ذات المساس بالأمن الاجتماعي والاقتصادي، وأن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لا تزال تكافح من أجل السيطرة على نسب البطالة، دون أن تتقدم خطوة واحدة باتجاه هدفها متوسط المدى لخفض نسبة البطالة، وهدفها طويل المدى لتحقيق ميزة تنافسية اعتمادا على الموارد البشرية المواطنة.

مما عزز الشعور بالقلق أن الوزارة لم تستطع الوصول إلى أصل مشكلة البطالة، ولا تزال في طور تجارب حلول البطالة منذ عشرات السنين، وكل مطلع شهر أو نصف سنة تجرب وتطبق برنامجا جديدا على شاكلة نطاقات، وحافز...، والنتيجة واحدة، ومع ذلك لم تقتنع الوزارة بعدم جدوى تلك البرامج حتى الآن.

والنقطة الأخرى التي تبعث عن القلق مما كشفه تصريح الوزير، هو انفصال خطط الوزارة في حلول البطالة عن الواقع الاقتصادي، وافتراضها ثبات السياسات الاقتصادية والمالية دون تغيير، وعدم تأثرها بالأوضاع الاقتصادية العالمية وأسعار النفط الخام، وبالتالي فإن ارتفاع نسبة البطالة سيظل مرشحا للارتفاع في حال استمرت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في النهج نفسه.


صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2016/11/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد