آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

إيران سترد على القرار الأمريكي بتمديد العقوبات بقانون يعجّل تخصيب اليورانيوم


عبد الباري عطوان ..

العلاقات الأمريكية الإيرانية تتجه إلى مرحلة جديدة من التوتر ربما تكون أكثر حدة من سابقاتها بعد تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي بالأغلبية الساحقة على قرار بتمديد العقوبات على طهران لمدة عشر سنوات، وسيصبح هذا القرار نافذا بمجرد توقيع الرئيس باراك أوباما عليه، وهذه مسألة روتينية لأن إدارته لا ترى فيه خرقا للاتفاق النووي.

الإيرانيون أصيبوا بصدمة من جراء صدور هذا القرار، فالسبب الرئيسي لتوقيعهم الاتفاق النووي بعد مفاوضات عسيرة استمرت سنوات مع الدول الست العظمى في تموز (يوليو) عام 2015، هو إنهاء العقوبات الاقتصادية والعسكرية التي شلت اقتصادهم، وأضعفت قدراتهم العسكرية على صعيد استيراد التكنولوجيا الحديثة والأسلحة المتطورة.

الرد الإيراني جاء فوريا، فقد أعلنت مجموعة من النواب الإيرانيين عن إعدادهم مشروع قانون لعرضه على البرلمان بصفة عاجلة ينص على استئناف جميع الأنشطة النووية في البلاد، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بدرجات عالية قد تصل إلى 95 بالمئة، الأمر الذي سيؤهلهم لإنتاج رؤوس نووية في غضون عامين.
 
***
 
المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي خامنئي هدد قبل شهر بأن الرد على التمديد للعقوبات سيكون ساحقا، ويبدو أن هؤلاء النواب بدأوا تحركهم بإيعاز منه، فإن تصديق مجلس النواب (البرلمان) على هذا القانون ستكون شكلية، والتنفيذ ربما لن يتأخر كثيرا في حال إصرار واشنطن على التمديد، وهذا الموقف الأكثر ترجيحا.

إقرار هذا القانون سيشكل ضربة قاصمة للسيد حسن روحاني الرئيس الإيراني “المعتدل” الذي قاد الجناح المطالب بتوقيع الاتفاق النووي، وقبل أشهر معدودة من الانتخابات الرئاسية الإيرانية الذي يعتبر أحد أبرز المرشحين فيها، وأكثرهم حظا في الفوز.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيكون من أكثر المرحبين بهذا التوتر في العلاقات الأمريكية الإيرانية، وسيكون مسرورا أكثر لو انتقلت إلى مرحلة الصدام العسكري، على عكس حلفائه الخليجيين المفترضين الذين بدأوا يتراجعون عن معارضتهم للاتفاق النووي، ويطالبون الإدارة الأمريكية بعدم إلغائه، لما يمكن أن يترتب على ذلك من أخطار على المنطقة، مثلما جاء على لسان الأمير تركي الفيصل رئيس جهاز الاستخبارات السعودي الأسبق.

تصويت الكونغرس بمجلسيه الشيوخ والنواب بالأغلبية الساحقة على تمديد العقوبات، يعكس موقفا داعما للمؤسسة الأمريكية الحاكمة، مثلما يأتي متناغما، أو ممهدا، لوصول الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي وصف الاتفاق النووي الإيراني بأنه الأسوأ في العالم، واختار الجنرال المتقاعد جون ماتيس اليوم الجمعة الذي يوصف بأنه “الكلب المجنون”، والمعروف بعدائه للاتفاق النووي وإيران، وزيرا للدفاع في إدارته القادمة.

التوتر الأمريكي الإيراني سيكون كارثة على العرب والأشقاء في الخليج على وجه الخصوص، لأن القواعد الأمريكية التي ستكون مستهدفة إيرانيا في حالة أي حرب مقبلة تتواجد على أراضيهم، مضافا إلى ذلك ستعود كل الأساطيل وحاملات الطائرات إلى مياههم الإقليمية وقواعدهم البحرية، وسيضطرون إلى شراء صفقات أسلحة جديدة بعشرات المليارات من الدولارات لتعزيز أمنهم، وربما المشاركة في أي هجوم ضد إيران تلبية لإملاءات أمريكية.
 
***
دونالد ترامب لم يتحدث من فراغ عندما أكد في حملاته الانتخابية بأنه سيطالب السعودية ودول الخليج بدفع ربع دخلهم النفطي كضريبة حماية للولايات المتحدة، ويبدو أن الوقت بات وشيكا جدا لتنفيذ تهديداته هذه.

مواجهة بين أمريكا وإيران، سواء كانت باردة أو ساخنة قد تمتص الاحتياطات والعوائد المالية النفطية في دول الخليج، أو نسبة كبيرة منها، وقد تدفع هذه الدول إلى الاستدانة من الأسواق المالية الغربية لتلبية الالتزامات التي قد تفرض عليها في المستقبل القريب، في وقت تواجه فيه، أو بعضها، أزمات مالية طاحنة، وتفرض على مواطنيها إجراءات تقشف صعبة وغير مألوفة.

الأشقاء في الخليج انتهوا لتوهم من إقامة صلاة استسقاء بسبب حالة الجفاف، وعدم هطول أمطار كافية، واستجاب لها الخالق جل وعلا، وشهدت بعض المدن السعودية فيضانات وثلوجا، ونعتقد أن الوقت حان صلاة “استنواء أي لعدم انهيار الاتفاق النووي الإيراني، وعودة التوتر بين إيران وأمريكا بالتالي، ولعله يستجيب لهذه الصلوات أيضا.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2016/12/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد