آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي آل غراش
عن الكاتب :
كاتب وإعلامي

يكفي إساءة للمواطن الخليجي المخدوع

 

علي آل غراش ..

مجلس التعاون الخليجي أنشئ في عام 1981م، لأسباب أمنية في الأساس لحماية الأسر الحاكمة لدول الخليج والمحافظة على عروشها وملكها، ومنذ انطلاقته تعقد في كل عام قمة تجمع زعماء الأسر التي تحكم دول الخليج، إذ يحضر الزعماء ويغيب المواطن بهمومه وتطلعاته عن كل قمة، لأن المواطن الخليجي مجرد رقم ملك للحاكم الذي يملك الأرض وما فيها وما عليها.

 

يحضر الزعماء في القمة بأجسادهم لتبادل الابتسامات والتقاط الصور للذكرى وقلوبهم شتى، حيث هناك اختلافات شاسعة في التعاطي السياسي الداخلي والخارجي، فهناك اختلافات فيما بينهم في دور مجلس التعاون، وتغير المسمى إلى إتحاد أو على العملة الموحدة أو على توسيع جيش درع الجزيرة..، بل هناك منافسة بل حرب شرسة إلى درجة تكسير العظام فيما بينها فكل دولة لها طريقتها المختلفة 180 درجة عن الأخرى في التعامل مع الأحداث كما يحدث في سوريا ومصر والعراق وإيران واليمن ... أي في كل مكان هم مختلفون، إلا أنهم متفقون على الوقوف ضد أي حراك شعبي خليجي للمطالبة بالحقوق وبناء دول حضارية قائمة على الإرادة الشعبية والنظام لا مزاج الحاكم، وعلى صناديق الانتخاب في اختيار نظام الحكم والحاكم، والتوزيع العادل للثروة.

 

لقد نجحت بعض دول الخليج في بقاء المجلس واستمرار وجوده لغاية الآن بسبب الهواجس الأمنية المشتركة والتفكير في المصالح الشخصية الضيقة لكل دولة رغم التحديات والصعوبات والمزاج المختلف بين الزعماء، نجحوا في التنسيق الأمني وحولوا مواطني المجلس إلى سجناء في مساحة أكبر، وضيقوا على حريات التعبير عن الرأي، ومنعوا بل حرموا بفتاوي شرعية نقد الأنظمة الحاكمة، وقاموا بمطاردة وملاحقة كل مواطن خليجي له نشاط سياسي أو يطالب بتطبيق العدالة والحرية والانتقال من أنظمة شمولية إلى دول دستورية ديمقراطية "مملكة دستورية"، قائمة على فصل السلطات والخضوع للمحاسبة، وبتصنيف كل مواطن يتظاهر بشكل سلمي ضد فساد السلطة ويطالب بحقوقه بأنه إرهابي فيتم اعتقاله وتعذيبه وسجنه ومحاكمته لسنوات طويلة، وربما طرده من وطنه وسحب الجنسية منه رغم أن وجوده على تراب هذا الوطن قبل إنشاء الدولة الحديثة واستلام النظام القائم الحكم بمئات السنين!.

 

مواطنو المجلس الخليجي شعب واحد له ثقافة واحدة يتميز بالطيبة وبحبه للسلم والسلام، وقد استغلت بعض الأنظمة هذه الصفات في السيطرة عليه وحرمانه من حقوقه، حيث مازالت بعض السلطات في الخليج تحكم بعقول وأنظمة بائدة لا وجود لها في هذا العصر في الدولة الحديثة، أنظمة تكرس التقديس للحاكم وأسرته، وأن البلاد والعباد ملك خاص له يهبه ويورثه لمن يريد!!.

 

وبدل ما يكون المواطن هو أكبر قيمة في الوطن، وهو الذي يحدد النظام بالتصويت، والحاكم بالانتخاب عبر الصناديق، ويحاسب الحاكم المسؤول عن خدمة المواطنين، ففي بعض الدول الخليجية الحادث هو العكس إذ مطلوب من المواطن أن يكون عبدا مطيعا للحاكم، مواطن لا يملك حق اختيار نظام الحكم "الدستور"، وليس من حقه التعبير عن رأيه، وحق المشاركة في قرارات بلاده وتقرير مصيره في القضايا المهمة والمصرية الداخلية والخارجية كتقرير الدخول في اتفاقيات دولية أو تشكيل المجالس والاتحادات.

 

إن بعض الأنظمة الحاكمة الخليج تتعاطى بأنها فوق النقد، لا تسمح للشعب بالاستفسار والاعتراض، بل حتى لزعماء الدول الأصغر في داخل المجلس ممنوع أن تعبر عن رأيها المخالف للدول المتحكمة فيه، كما حدث لسلطنة عمان، التي عبرت عن أن الوقت الحالي غير مناسب لإعلان الاتحاد الخليجي، وأنها لن تدخل ضمن الاتحاد إذا تم اخذ قرار بذلك، كما أنها رفضت العملة الخليجية الموحدة، حيث شن الإعلام في الدول الأكبر حملة إعلامية ضد سلطنة عمان!!.

 

لقد عجز مجلس التعاون لغاية الآن نحو 33 عاما من تحقيق تطلعات الشعب الخليجي ولو بالحد الأدنى، لينعم بالشعور بأنه واحد في التعامل والاحترام والحقوق في دول المجلس، وبتطوير أنظمة الحكم والتحول جميعها إلى نظام يمثل الإرادة الشعبية قائم على العدالة والحرية والتعددية والديمقراطية، بل سياسة الحكومات خلقت فجوات واسعة بين أفراد الشعب..، وتنامى حالة الخوف المتبادل بين الزعماء.

 

إن الزمن تغير وعلى الشعب الخليجي أن يدرك ذلك، وأن يتغير ويتحرك بشكل قوي للمطالبة بحقوقه الوطنية ومنها العدالة الحرية واختيار النظام الحاكم بما تختاره الأمة، وأن يكون للشعب رأي مباشر في القرارات التي تتخذ باسمه في القمم، فهو في الحقيقة الغائب الأول، وأن يعمل الشعب الخليجي للإصلاح الشامل، والتضامن مع أخوانه شعوب الخليج الذين قاموا بحراك وثورة ضد الظلم والاستبداد، ومع الشعوب العربية العاشقة للعدالة والحرية، والمطالبة بالإفراج عن معتقلي الرأي والساسة والنشطاء والحقوقيين، وأن يرفع صوته عاليا للتعبير عن رأيه ومواقفه لإنقاذ وطنه وسمعة المواطن الخليجي التي تتعرض للضياع من جهة، وإلى التسقيط والمهانة والاحتقار والكراهية ووصفه بالمتعالي والمغرور والمزدوج الشخصية....، وذلك بسبب سياسة بعض الأنظمة الخليجية، ومنها الإعلامية التي تحاول أن تروج عن دول الخليج بشكل مختلف وفرقعات إعلانية لا تخلو من تشويه الثقافة الخليجية التي هي جزء من الثقافة العربية والإسلامية الأصيلة، والإساءة للدين عبر الادعاء بأنها تحكم باسم الدين وهي في الحقيقة تستغله وتوظفه للمحافظة على حكمها، واللعب على الوتر الطائفي البغيض لتفريق الشعب، والتدخل بشؤون الدول الأخرى، باسم نشر الحرية والديمقراطية، ومحاربة الدكتاتورية والاستبداد، والدفاع عن المظلومين، ومحاولة شراء المواقف والشعوب بالمال، فيما الشعب الخليجي محروم من حقوقه، ومن الحرية والديمقراطية، ومن حقه في المال والثروة الوطنية؛ ... يكفي إساءة وتهميش للشعب الخليجي المحروم المخدوع.

أضيف بتاريخ :2016/12/11

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد