آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

ليس بنداءات الاستغاثة على وسائط التواصل يمكن إنقاذ حلب وأهلها من المجازر..

 

عبد الباري عطوان ..

تحفل وسائل التواصل الاجتماعي من “تويتر” و”فيسبوك” و”واتس آب” بالعديد من نداءات الاستغاثة لإنقاذ مدينة حلب من إرهاب الطاغية السوري، وجيشه وحلفائه من الشيعة الرافضة والمجوس عبدة النار، وأبناء المتعة، ووضع حد للمجازر التي يرتكبونها، فرادى أو مجتمعون، ضد أهل حلب العزل، ولكن لا يقول هؤلاء، سواء الذين يقفون خلف هذه “الحملات”، أو ينخرطون فيها، لمن توجه هذه النداءات، هل هي إلى مصر، أم الجزائر، أم المغرب، أم تونس، أم اليمن، أم الجامعة العربية، أم السودان؟، أم إلى أي جهة غير بلدانهم وزعاماتهم.

الدول التي يجب أن تغيث أبناء حلب وتوقف المجازر التي ترتكب في حقهم، وتشرد من نجا منهم، وتدفن قتلاهم، هي أمريكا وتركيا والسعودية وقطر، وهي الدول التي وقفت إلى جانب الثورة السورية وسلحتها، واحتضنت قياداتها، ومولتهم بكل الدعم، وهي تملك الطائرات الحديثة والمتطورة، مثلما هو حال أمريكا الدولة العظمى، ومئات المليارات من الدولارات، مثلما هو حال الدول الخليجية، ولا تبعد عن حلب إلا مسافة 25 كيلومترا، مثلما هو حال تركيا، فلماذا تُرسل الطائرات إلى اليمن لإعادة عبد ربه منصور هادي إلى الحكم، ومنع تمدد المشروع الفارسي هناك، ولا يتم فعل الشيء نفسه في حلب؟
***
فإذا كانت هذه الدول لا تهرع لحماية أهل حلب، وتفك الحصار عنهم، وتتصدى للطائرات السورية والروسية التي تقصفهم فمن سيقوم بهذه المهمة إذا؟ وما هو حكم المقصر المتهاون عن نصرة أهله من المجازر الذي يملك كل أسباب القوة؟

يجب تسمية الأشياء بأسمائها دون أي مواربة، والبكاء على أهالي حلب لا يكفي، والنداءات بالإغاثة يجب أن توجه إلى من تدخلوا في حلب، وسورية منذ ست سنوات، ووعدوا الشعب السوري بإسقاط الطاغية بشار الأسد، وإقامة نظام ديمقراطي بديل يحقق العدل والمساواة، واستخدموا كل الأسلحة ووسائل التعبئة الطائفية، وأنفقوا مليارات الدولارات في هذا الصدد، وجندوا إمبراطوريات إعلامية جبارة، ولكن النظام لم يسقط، ورئيسه ما زال يتربع على قمته، فلماذا يدس هؤلاء رؤوسهم في الرمال ويتعامون عن الحقائق، ولا يشيروا بأصابع الاتهام إلى الجهات المعنية؟

الشعب العراقي كان يتضور جوعا، ويبيع كل ما يملك، بما في ذلك أبواب بيته وشبابيكها، تحت حصار ظالم لأكثر من 13 عاما، ومع ذلك كانت الهجمات تتدفق كالسيل على العراق والعراقيين، ورئيسهم صدام حسين، ونظامه، ويطالبون في إمبراطورياتهم الإعلامية بتشديد هذا الحصار، ويستعجلون أمريكا لإرسال قواتها لغزو بغداد ووضع الرئيس العراقي في قفص، وعرضه في الميادين للبصق عليه، وضربه بالأحذية، وعندما لبت أمريكا هذا النداء وأرسلت قواتها لاحتلال العاصمة العراقية، وأعدمت الرئيس صدام حسين فجر عيد الأضحى المبارك، وخرجت بعض الصحف ترقص طربا بهذا الإنجاز الكبير، وتعنون إحداها صفحتها الأولى “موت كلب”.
 
***
الآن يتباكون على العراق الذي يقولون أنه تحول إلى منطقة نفوذ لإيران وحكم الرافضة، والمجوس، ويتباكون على صدام حسين ونظامه وأيامه، ويستنجدون بطوب الأرض لحمايتهم من إيران ومشروعها النووي، ويتذكرون كيف حارب إيران لثماني سنوات، وبجيش من الرافضة والمجوس لحمايتهم، ومنع وصول الثورة الخمينية إلى عمق عواصمهم.

واصلوا نداءات الاستغاثة، وإطلاق الشتائم واللعنات والمسبات على وسائط التواصل الاجتماعي مثلما شئتم، ودسوا رؤوسكم في الرمال، حتى لا تروا ذنوبكم وخذلانكم للشعب السوري كله، وليس لأهالي حلب فقط، وتماما مثلما قال أجدادكم ” أشبعناهم شتما وفازوا بالأبل”.

من هزم حلب هم اللذين خذلوها وتخلوا عن أهلها وأغلقوا آذانهم عن استغاثتها وأطفالها وهم اللذين وعدوها بالنصر واعتبروها خطا أحمر.

سيأتي يوم تترحمون فيه على سورية مثلما ترحمتم على العراق وصدام حسين.. والأيام بيننا.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2016/12/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد