آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
مأمون كيوان
عن الكاتب :
باحث سوري في الشؤون الإسرائيلية

التباكي الإسرائيلي على الأمم المتحدة

 

مأمون كيوان ..

قبل شهور قليلة كتبت الصحفية الإسرائيلية نافا درومي في صحيفة "هآرتس" مقالا بعنوان "رئيس أسود سيئ"، أوضحت فيه عمق الخلافات بين الرئيس الأميركي باراك أوباما، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والتي كان أبرزها الخلاف حول موضوع السلاح النووي الإيراني. ووصفته برئيس "قزم"، و"منقطع عن الواقع الشرق أوسطي". بينما وصف أوباما نتنياهو بأنه "الزعيم الأكثر تخييبا للآمال في المنطقة".

 

وفي خطوة نادرة وعلى خلاف القرارات السابقة استخدمت الولايات المتحدة فيها حق النقض "فيتو" لإحباطها، وبخلاف إرادة كل من نتنياهو والرئيس الأميركي المنتخب ترمب، نزولا عند رغبة الرئيس الأميركي باراك أوباما بتوجيه إهانة لإسرائيل قبيل انتهاء فترة ولايته الثانية، أدى امتناع واشنطن عن التصويت، إلى تبني مجلس الأمن الدولي لقرار يطلب أن "توقف إسرائيل فورا وفي شكل تام كل الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية". ويعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية "ليس لها أي أساس قانوني"، و"تعوق في شكل خطير فرصة حل الدولتين" الذي يقضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل. وقد أيد القرار 14 عضوا في المجلس من أصل 15.

 

وكانت كل من ماليزيا والسنغال ونيوزيلاندا وفنزويلا، وهي دول تنتهي مدة عضويتها المؤقتة جميعا بمجلس الأمن في نهاية العام الجاري، فيما عدا السنغال، تقدمت بمشروع القرار المذكور.

 

وفي الوقت الذي لا تقيم فيه إسرائيل علاقات دبلوماسية مع ماليزيا وفنزويلا، فإنها وبعيد ساعات فقط من تبني مجلس الأمن الدولي قرار مجلس الأمن، أعلن نتنياهو استدعاء "فوريا" لسفيريه في نيوزيلندا والسنغال "للتشاور". وقرر أيضا، إلغاء زيارة مقررة في يناير لوزير الخارجية السنغالي، وأمر بإلغاء جميع برامج المساعدات للسنغال، وإلغاء زيارات سفيري السنغال ونيوزيلندا غير المقيمين إلى إسرائيل.

 

ونسجا على نول قديم إسرائيلي الصنع، يؤكد ساسة إسرائيل على مواقفهم السلبية تجاه هذه المنظمة الدولية، ويسوقون مبررات كثيرة، منها الآتي، حسب وجهة النظر الإسرائيلية:

 

أولاً، في عام 1975 وبعد عدة محاولات متكررة لطرد إسرائيل من الأمم المتحدة، "استسلمت" الأمم المتحدة لضغط الدول العربية وقالت إن الصهيونية هي عنصرية. وشكل هذا القرار حجر الأساس في عملية التمييز الممأسسة ضد إسرائيل في الأمم المتحدة. وانتظرت الأمم المتحدة 16 عاما حتى تراجعت عن قرارها بأن الصهيونية هي عنصرية. وتم تعديل البروتوكولات ولكن بشكل غير رسمي بقيت الوصمة على جدران الهيئة حتى يومنا هذا.

 

ثانياً، من بين 193 دولة عضوا في الأمم المتحدة، 87 فقط هي ديمقراطية، أي أقل من النصف. وتلك الدول التي تستغل العملية الديمقراطية في الأمم المتحدة تقمع الديمقراطية على أراضيها.

 

ثالثاً، تحولت الأمم المتحدة من منصة سياسية شجاعة إلى مسرح سخيف، هيئة عامة تسمح بالتحريض الفلسطيني، مجلس أمن تُدير فيه فنزويلا وماليزيا قوات السلام، ومجلس حقوق الإنسان تسيطر عليه أنظمة غير إنسانية، ويتم التآمر على إسرائيل.

 

رابعاً، في مايو 1948 تم توقيع إعلان "الاستقلال". وفيه ذُكرت الأمم المتحدة سبع مرات. وتعهد مؤسسو الدولة بالوفاء بمبادئ وثيقة الأمم المتحدة. ورغم أن الأمم المتحدة نفسها أضاعت الطريق، إلا أن إسرائيل ما زالت على عهدها. أطباء عيون إسرائيليون ينشرون النور في شرق إفريقيا، وضباط يقدمون المساعدة في كل كارثة، ويقدمون المعلومات والمصادر الإسرائيلية التي توفر الماء والطاقة الشمسية للمناطق المنكوبة.

 

ويتناسى الإسرائيليون عمدا، أن كيانهم السياسي يمثل الدولة الوحيدة في العالم التي قامت بقرار دولي مشروط، ففي 11 مايو 1949 صدر قرار عن الأمم المتحدة يحمل الرقم 273 بقبول إسرائيل في عضويتها بناء على تقرير تسلمته من مجلس الأمن يشدد على أن القبول تم بعد أن تعهدت إسرائيل بأن تكون "دولة محبة للسلام وتنفذ الالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة". وقد تم القبول وفقا لقرار التقسيم 181 الذي فرض بالقوة والعدوان والتوسع.

 

ويتجاهل الإسرائيليون أن إسرائيل اقترفت قبل وبعد حرب 1948 عشرات المجازر في حق الفلسطينيين بهدف التهجير والتطهير العرقي، منها مجازر: دير ياسين واللد وعيلوط والطنطورة والصفصاف وصبارين وقبية وكفر قاسم والسموع، وغيرها.

 

وفي حرب عام 1967 ارتكب جيش إسرائيل عمليات قتل في قرى الجولان السوري المحتل، فيما اقترفت مجزرتين بحق المدنيين المصريين خلال حرب الاستنزاف. ونفذ الجيش الإسرائيلي مجزرة أبوزعبل بمنطقة القاهرة، تلتها مذبحة مدرسة بحر البقر.

 

 وفي حرب لبنان الأولى عام 1982 ارتكبت القوات الإسرائيلية بقيادة وزير الدفاع وقتذاك أرئيل شارون مجزرتي صبرا وشاتيلا. وشهدت مخيمات لبنان مجازر مختلفة خلال الاجتياح فيما تعرضت قرية قانا إلى مجزرة سابقة خلال عملية "عناقيد الغضب".

 

وتعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي أضفت "الصبغة القانونية" على عمليات القتل خارج إطار القانون. ولم تتردد في الإعلان عن هذه السياسة في أوساط المجتمع الدولي. وكأنها بممارساتها وانتهاكاتها للقوانين والأعراف تنفذ انتقاما بلا حدود من المجتمع الدولي الذي يتم تحميله مسؤولية اضطهاد اليهود في أوروبا وسوقهم إلى حتفهم في معسكرات النازية.

 

وعلى مدى العقود المنصرمة من الزمن، انتهكت إسرائيل كل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي، وكانت وما زالت المواقف الإسرائيلية المناهضة للشرعية الدولية تنسجم مع السياق العام لتاريخ التحدي الإسرائيلي للقرارات والقوانين الدولية.

 

والسؤال المطروح تجاه التحدي الإسرائيلي لقرارات وقوانين المجتمع الدولي يتعلق بصدقية وفعالية القرارات الدولية، وهو متى تنفذ تلك القرارات الدولية ويتم فرض القصاص بحق الدول المارقة ومنها إسرائيل؟.

 

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2016/12/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد