آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
حمود أبو طالب
عن الكاتب :
كاتب وإعلامي سعودي، عضو مجلس إدارة نادي جازان الأدبي , والمشرف على المنتدى الثقافي، عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان - فرع جازان.

ترمب شايل سيفه

 

حمود أبو طالب ..

كان الأسبوع الماضي أسبوعاً «ترمبياً» بامتياز، حوّل خلاله الرئيس دونالد ترمب أنظار العالم وتركيزه باتجاه واشنطن، بما في ذلك رؤساء دول كبرى كفرنسا وألمانيا، نتيجة قراراته وتصريحاته المثيرة. كان الاعتقاد أن ترمب سيراجع بعض وعوده وتوجهاته الانتخابية إذا أصبح رئيساً لناحية صعوبة تطبيقها قانونيا أو لتأثيرها على علاقات أمريكا وقيمها الديموقراطية واقتصادها، وانعكاساتها على المجتمع الأمريكي في جوانب كثيرة، لكن بدأت المؤشرات تؤكد أنه بعد دخوله البيت الأبيض ما زال مستمراً بعقلية وقناعات المرشح الانتخابي للرئاسة، التي بدأ في تنفيذها كقرارت أثارت عاصفة من الجدل والاستغراب والتوجس، داخل وخارج أمريكا، مما ستكون عليه الفترة الرئاسية القادمة.

ثمانية وعود مثيرة طرحها ترمب في حملته الانتخابية وبدأ بتحويل بعضها إلى قرارات سريعة أو متسرعة -كما يصفها كثير من المحللين الأمريكيين- وأضاف لها قرارين كبيرين يوم الجمعة الماضية. بدءاً بالانسحاب من اتفاقية الشراكة التجارية لدول المحيط الهادئ، الحديث بفتور وسلبية عن حلف الناتو، التلميح بإعادة السجون السوداء التي تم تصنيفها سابقاً بمعتقلات تعذيب تتنافى مع مبادئ الحقوق الإنسانية، الغمز في الاتحاد الأوروبي بتمجيد انسحاب بريطانيا منه خلال لقائه برئيسة الوزراء البريطانية والتعبير عن خصوصية العلاقة مع بريطانيا استثناءً عن بقية الدول الأوروبية الكبرى، وانتهاء بإعلانه العزم على تنفيذ الجدار العازل مع المكسيك وتحملها لتكفلته بفرض ضريبة تصل إلى ٢٠ % على الواردات المكسيكية، ما جعل الرئيس المكسيكي يلغي زيارته المقررة لواشنطن، وأوجد توترا شديدا بين البلدين رغم حجم التجارة المكسيكية مع أمريكا الذي يصل إلى ٦٠ بليون دولار. ليس هذا فقط، بل كانت تصريحات المندوبة الأمريكية الجديدة في الأمم المتحدة عنيفة تفتقر إلى الدبلوماسية وهي تتحدث عن أمريكا القوية التي تفرض مشيئتها، وضرورة اقتناع حلفائها بهذا المبدأ والتماهي معه، وأخيراً قراراه يوم الجمعة بإعادة بناء القوات المسلحة والتضييق على دخول أمريكا لبعض الجنسيات وحظر دخول بعضها.

توجس العالم مرده أن هذا يحدث في أمريكا الدولة الأقوى والمؤثرة، ويحدث بسرعة غير مسبوقة إذ لم تمر عشرة أيام على تسلمه منصبه، وكذلك دون استشارات كافية كما يملي منطق الدولة وأسلوب إدارتها، وإذا كان الأمر كذلك فما الذي يمكن أن يتخذه من قرارات لاحقا، وبهذه الكيفية.

كثير من المحللين السياسيين الأمريكيين البارزين بمختلف توجهاتهم اتفقوا على تسرع هذه القرارات، وبعضهم وصفها بالرعونة، وبعض آخر تهكم على إغفال ترمب لجوانب قانونية وربما تجاوزات دستورية، وحتى بعض المحسوبين على أقصى اليمين كانت لهم تحفظاتهم، بينما ذهب بعض المؤمنين بضرورة استمرار ليبرالية أمريكا إلى أن شعار «أمريكا أولا» يتنافى مع قيمها حتى لو كان المقصود به دعم قوة أمريكا سياسيا واقتصاديا.

كثير من وسائل الإعلام العالمية المهمة المقروءة والمرئية، بما فيها الأمريكية، انتقدت بحدة وكثافة أداء دونالد ترمب خلال الأيام القليلة الماضية، ووصفته بالتسرع والخطورة على أمريكا وغيرها، وأمريكا بدأت تعيش أياما متوترة اتضحت آثارها على كثير من مراكز القرار فيها، تترافق مع أزمة أوجدها ترمب مع الإعلام الذي بدأ ينهشه بضراوة، فهل سيستمر ترمب في صناعة المفاجآت أم سيتلقى مفاجأة كبيرة لا تخطر على باله؟
 
صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2017/01/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد