آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

لماذا هذا الصمت العربي المخجل تجاه تطبيق إجراءات ترامب العنصرية؟ أين ’الحلف الإسلامي’ وجنرالاته؟

 

عبد الباري عطوان ..

قضينا طوال اليومين الماضيين نقبض على “الروموت كونترول”، ونقلب المحطات التلفزيونية الرسمية منها، أو شبه الرسمية، بحثا عن موقف عربي أو إسلامي قوي، لنجدة الأشقاء الذين يتعرضون للاعتقال في المطارات الأمريكية تطبيقا للسياسات العنصرية التي بدأ الرئيس دونالد ترامب في تطبيقها ضد المسلمين القادمين من سبع دول إسلامية، ولكن دون أي نتيجة، ولعل رد الفعل الوحيد، جاء من “الرافضة” الإيرانيين، ومن زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر.

انتظرنا من منظمة “التعاون الإسلامي” التي أيدت العدوان على اليمن، وباركت التطبيع مع إسرائيل، أن تكون أول المبادرين، للدعوة إلى عقد قمة في مقرها بمدينة جدة، أو يتنادى رؤساء هيئة أركان جيوش 41 دولة أعضاء في “الحلف الإسلامي” إلى اجتماع طارىء لبحث هذه الاهانات، وأعمال الاذلال لمواطنين عرب ومسلمين، ولكن يبدو أنه لا فائدة من الانتظار، فالقوم تلقوا تعليمات فيما يبدو، من أصدقاء ترامب، أو منه نفسه، بالصمت، والنظر إلى الناحية الأخرى.
***
حتى شيوخ “التويتر”، أو الغالبية الساحقة منهم، غابوا عن المشهد كليا، وهم الذين يتابعهم الملايين، لعلهم آثروا السلامة، وفضلوا أن تظل أسماؤهم بعيدة عن اللوائح الأمريكية السوداء، وتجنب غضب أولي الأمر، فأمريكا ليست سورية ولا اليمن ولا العراق، وانتقادها ليس “فرض عين”.

عنصرية ترامب لا تستهدف الدول السبع التي قرر منع مواطنيها من دخول بلاده، وهي العراق وسورية واليمن والصومال وليبيا والسودان، بالإضافة إلى إيران، وإنما تتخذ هذه الدول، وما يجري فيها من فوضى دموية، هي من صنع أمريكا بالأساس، كغطاء لعنصريته وكراهيته لكل المسلمين دون أي استثناء، أيا كان مذهبهم أو أصلهم.

مجادلة إدارة عنصرية مثل إدارة ترامب بالحقائق، والعقل، والأدلة المنطقية، مثل القول بأن أمريكا لم تتعرض لأي عمل إرهابي شارك فيه مهاجرون، أو التذكير بالدستور الأمريكي، وعلمانية الدولة، وقيم العدالة والمساواة، يعتبر مضيعة للوقت والجهد، ولا طائل منها، تماما مثل مجادلة الجاهل الأحمق.

هذه الدول السبع لا تشكل ومواطنوها أي تهديد إرهابي لأمريكا، وإنما العكس تماما، فهي كانت، وما زالت، ضحية الإرهاب الأمريكي، وما حدث في مدينة البيضاء في اليمن فجر اليوم من استشهاد ستين يمانيا بغارة أمريكية معظمهم من المدنيين، إلا أحد الأمثلة.

لا نستغرب هذا الصمت العربي المتواطيء، وربما لا نبالغ إذا قلنا إن بعض الزعماء العرب، يرحبون بخطوات ترامب العنصرية هذه، لأنهم يمارسونها فعلا، أو هم بصدد ممارستها في بلدانهم، من حيث تضييق الخناق عليها، واثقال كاهلها بالضرائب والرسوم، تمهيدا لابعادهم.
***
نشعر بالألم عندما يتصدر أناس مثل رئيس الوزراء الكندي الشاب جاستين ترودوا للدفاع عن المسلمين، ويعلن ترحيبه بكل لاجيء هارب من الظلم والاضطهاد، ويؤكد قمة التسامح في مقولته “التنوع يصنع قوتنا”، أو السيدة انجيلا ميركل مستشارة ألمانيا التي أدانت هذه السياسات العنصرية ضد المهاجرين، وأكدت أنها ستدافع عن مواطنيها الذين يحملون جنسية مزدوجة وحقوقهم كاملة على الأرض الامريكية.

الألم.. لأنه لا يوجد زعيم عربي واحد حتى كتابة هذه السطور، اتخذ موقفا أخلاقيا شجاعا على غرار الرئيس المكسيكي انريكي بينيا نسييتو، الذي ألغى زيارة مقررة لواشنطن، ورفض الجدار العنصري، ودفع دولارا واحدا من قيمة بنائه، احتراما لنفسه، وكرامة شعبه، وانحيازا لحقوق مواطنيه الذي أكد أنه سيدافع عنهم بكل الطرق القانونية.

العويل واللطم لن يجلب الاحترام ولا حتى الحد الأدنى من التعاطف، ولن يدفع ترامب لتغيير مواقفه العنصرية هذه التي أوصلته إلى البيت الأبيض، ما يجلب الاحترام، ويردع العنصريين، هي الأفعال.. أفعال الرجال الرجال، ولكن أين هم؟ دلونا عليهم من فضلكم.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/01/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد