آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
مأمون كيوان
عن الكاتب :
باحث سوري في الشؤون الإسرائيلية

مستقبل غزة رهن سياسات لا صفقات


مأمون كيوان ..

تبلغ مساحة قطاع غزة 365 كيلومترا مربعا، ويقطنه نحو 1.88 مليون شخص. ومنذ 2007 تفرض إسرائيل إغلاقا على سكان القطاع مشفوعا بسياسات تقييدية وأعمال عدوانية

 مما لا شك فيه أن الدراسات الاستشرافية والتقارير والمشاريع والخطط المستقبلية للمؤسسات والمجتمعات والدول على حد سواء، ليست رجما بالغيب، بل تستند إلى معطيات وحقائق وقوانين، وتلبي متطلبات سياسات وإستراتيجيات دول وقوى سياسية متخاصمة أو متنافسة.

وتصدر تلك الدراسات والتقارير عن مؤسسات ودول ومنظمات دولية، من أبرزها منظمة الأمم المتحدة وسائر المنظمات التابعة لها، ومنها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي أعدت في عام 2012 دراسة بعنوان "غزة في 2020 هل هي مكان ملائم للعيش"، وذلك نظرا لوجود مشاكل كثيرة يعاني منها سكان قطاع غزة، إذ لا توجد مياه صالحة للشرب ولا توجد كهرباء ولا توجد مدارس كافية، وتوجد هناك بطالة عالية ولا يوجد أي مستقبل للتجارة والأعمال. ووجود ما يزيد على 40% من سكان غزة يعيشون تحت خط الفقر، وهناك ما يزيد على 80% من السكان يعتمدون على المساعدات. كما أن 70% من سكان قطاع غزة هم من اللاجئين، ففيها ما يزيد على 1.2 مليون لاجئ تحت رعاية الأونروا. وهذا الرقم متوقع أن يزيد إلى 1.5 مليون في عام 2020.

وتوقعت الدراسة أن قطاع غزة يسير بسرعة إلى موته، وأن غزة ستكف عن كونها مكانا مناسبا لحياة البشر بحلول 2020. وقد أصبحت منذ زمن قفصا غير صالح للحياة.

وتبلغ مساحة قطاع غزة 365 كيلومترا مربعا، ويقطنه نحو 1.88 مليون شخص. ومنذ عام 2007 تفرض إسرائيل إغلاقا على سكان القطاع مشفوعا بسياسات تقييدية وأعمال عدوانية تشمل البشر والحجر. وهي السياسات التي تجعل قطاع غزة مكانا غير صالح لحياة ومتطلبات سكانه الرئيسة.

وقد اتخذت تلك السياسات الإسرائيلية أشكالا مختلفة واعتمدت أدوات متعددة وتم تسويق رزمة اقتراحات لتجسيد أهدافها الإستراتيجية والمرحلية. ومنها: اقتراح إقامة قناة مائية حول قطاع غزة لحماية إسرائيل، بعرض 200 متر وعمق 60 مترا. يذكر أنه خلال عام 2004 أعلنت إسرائيل عن مناقصة بين الشركات المختلفة على مشروع حفر قناة مائية عازلة على طول الحدود مع مصر، أو ما يسمى "خط فيلادلفيا"، لمواجهة التقديرات الأمنية التي أشارت في حينه إلى تسارع وتيرة تهريب الأسلحة من سيناء.

ويجري العمل لتجسيد اقتراح إقامة الجدار تحت الأرضي على الحدود مع غزة، أي خط دفاع تحت الأرض ضد الأنفاق الهجومية من قطاع غزة. ويتمثل في بناء جدران خرسانية سميكة بأعماق كبيرة تحول دون حفرها وتطعيمها بمجسات إلكترونية. وتكاليف هذا المشروع ستبلغ نحو نصف مليار دولار. وسيمتد الجدار على مسافة 60 كيلومترا حول القطاع، وسيشكل الخط الدفاعي الثالث الذي تبنيه إسرائيل على طول الحدود. وقد بُني الخط الدفاعي الأول في التسعينيات، بعد اتفاقية أوسلو، وأما الخط الثاني فقد بُني بعد قرار الانفصال عن غزة عام 2005.

والتزاما من إسرائيل بإستراتيجية التضليل وقلب الحقائق رأسا على عقب تزعم أنها في حالة الدفاع عن النفس (!!) وأن تردي أوضاع سكان قطاع غزة هو نتيجة سياسات قياداتهم. وفي هذا السياق، حث وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في مقابلة نادرة مع صحيفة "القدس" الفلسطينية، نُشرت في 24 أكتوبر 2016، على سكان القطاع الضغط على حركة حماس، قائلا "أعتقد أنه حان الوقت لسكان قطاع غزة للقول لقيادتهم غيروا سياستكم. وأنا كوزير للدفاع، أوضح بأنه ليس لدينا أي نوايا لبدء حرب جديدة ضد جيراننا في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان وسورية، أما نواياهم في قطاع غزة فهي القضاء على دولة إسرائيل".

وأضاف ليبرمان "إذا أوقفوا إنفاقهم ونشاطهم بتلك الأنفاق وإطلاق صواريخهم ضدنا، نحن سنكون أوائل المستثمرين في مينائهم ومطارهم ومنطقتهم الصناعية. وسيكون بالإمكان أن نرى في يوم من الأيام غزة سنغافورة أوهونغ كونغ الجديدة".

وكان الوزير الإسرائيلي أوري أريئيل من حزب "البيت اليهودي"، قد كشف في مقابلة على قناة الكنيست الإسرائيلي 21 ديسمبر 2015 عن أنه يؤيد إقامة منفذ بحري لقطاع غزة. وقال: "علينا بناء ميناء في غزة يسمح للسكان بتصدير البضائع واستيرادها. واليوم ليس لديهم أي منفذ حقيقي، إلى الأردن أو مصر أو إلى البحر. أنا أؤيد ذلك، وأؤيد بسط السيطرة الإسرائيلية على هذا الميناء".

وتضمنت خطة يسرائيل كاتس وزير المواصلات، إقامة جزيرة اصطناعية في البحر يمكن أن تستخدم كميناء لسكان قطاع غزة. وهذه الفكرة تتيح لإسرائيل استكمال فك الارتباط، وإنهاء أي علاقة مدنية أو ذات صلة بالبنى التحتية مع القطاع. وتكون الجزيرة الاصطناعية تحت سيطرة وإشراف وتمويل دولي، مرتبطة بقطاع غزة عن طريق جسر بطول 4.5 كيلومترات، مع نقاط فحص أمني، وتكون مركزا للخدمات البحرية والجوية، وتحلية مياه البحر وإنتاج الطاقة.

ولعل المشروع الإسرائيلي الأكثر خطرا، هو مشروع "غزة الكبرى" التي طرحها غيورا أيلاند، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي على شارون عام 2004، وأعاد عرضها في عام 2010 في سياق مشروع لتسوية الصراع مع الفلسطينيين.

ونص مشروع أيلاند على: " أولا: تنازل مصر عن 720 كيلومترا مربعا من أراضي سيناء لصالح الدولة الفلسطينية المقترحة. وهذه الأراضي عبارة عن مستطيل، ضلعه الأول 24 كيلومترا، ويمتد بطول ساحل البحر المتوسط من مدينة رفح غربا، وحتى حدود مدينة العريش، أما الضلع الثاني فيصل طوله إلى 30 كيلومترا من غرب معبر كرم أبوسالم، ويمتد جنوبا بموازاة الحدود المصرية الإسرائيلية. ويتم ضم هذه الأراضي -720 كيلومترا مربعا- إلى قطاع غزة لتتضاعف مساحته ثلاث مرات. وتوازي هذه الأراضي 12% من مساحة الضفة الغربية التي يجب أن يتنازل الفلسطينيون عنها لتدخل ضمن الأراضي الإسرائيلية.

وزعم أيلاند أن المكاسب الفلسطينية من المشروع ستتمثل في: "منح غزة 24 كيلومترا إضافية من السواحل المطلة على المتوسط، والتمتع بمياه إقليمية تصل إلى 9 أميال بحرية، وخلق فرص وفيرة للعثور على حقول غاز طبيعي في هذه المياه. كما أن إضافة 720 كيلومترا مربعا لغزة تمكن الفلسطينيين من إنشاء ميناء دولي كبير، ومطار دولي على بعد 25 كيلومترا من الحدود مع إسرائيل. وبناء مدينة جديدة تستوعب مليون شخص على الأقل، وتشكل منطقة تطور ونمو طبيعي لسكان غزة والضفة، بل يمكنها استيعاب أعداد من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في دول أخرى".

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2017/02/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد