آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله صايل
عن الكاتب :
رسام كاريكاتير وكاتب

صك الولاية ووزير العدل

 

عبدالله صايل ..

يكابد آباء ذوي الاحتياجات الخاصة هذه الأيام عناء لا يقبل غض الطرف أو التجاوز، فوزارة العمل والتنمية الاجتماعية غيرت أنظمتها، وأوقفت مسؤوليتها تجاه فتح حسابات بنكية وإصدار بطاقات صراف لمستفيدي المخصص المالي المحدود لذوي الاحتياجات الخاصة. والنظام الجديد يحتم على الآباء تحديث بيانات أطفالهم على موقع (التنمية الاجتماعية) بعد فتح حساب بنكي لأبنائهم وبناتهم بشكل مباشر.

 

وبالانتقال إلى البنوك، تكتشف الأسرة ضمن مشوار شقاء بدأ للتو أن البنوك لا تعترف بخطاب الوزارة الذي يطالبهم بـ(تسهيل مهمة ولي الأمر)، بل تصر على أن يقوم ذوو الاحتياجات الخاصة يتوقيع حزمة سميكة من النماذج، وغالبا لا يتطابق التوقيع، وبالتالي يكون طلب فتح الحساب مرفوضًا.

 

وطبقًا لقرارات مؤسسة النقد، لا بد من إصدار «صك ولاية» ليتسنى للوالد/‏الولي أن يوقع النماذج البنكية نيابة عن ابنه أو ابنته من ذوي الاحتياجات. فيراجع الأب محكمة الأحوال الشخصية، ليقول له موظف الاستقبال: هل هو ابنك؟ ومن البديهي أن يرد الأب قائلا: نعم يا عزيزي.. وهذا ما تؤكده بطاقة العائلة على الأقل! فيرد موظف المحكمة: حدد مستشفى نحيلك إليها لإصدار تقارير طبية تؤكد (إعاقة) ابنك! فيختار المستشفى الفلاني. فيُصدِر الموظف خطابا يتضمن طلب إصدار تقرير طبي رسمي من المستشفى، ويناوله للأب.

 

رحلة الشقاء لا تنتهي هنا، فولي الأمر لن يجني شيئا من التقرير بعد صدوره. فلو أخذ التقرير (الرسمي أبو ختم أزرق) إلى محكمة الأحوال، سيقول له الموظف بمنتهى الهدوء: جيّد يا أخي.. والآن ارجع إلى المستشفى واطلب منهم إحالته إلينا بخطاب إحالة، حتى نتمكن من إصدار رقم (وارد) لخطابهم المتضمن صورة من تقريرك، يهرول الأب مرة أخرى مستجدياً المستشفى الحكومي، إحالة التقرير إلى المحكمة عبر البريد اليومي.

 

وما إن يُحال التقرير إلى محكمة الأحوال، ويتأكد الأب من إحالته، إلا ويهرول إلى المحكمة طالبا إصدار صك الولاية ويوقع نيابة عن ابنه/‏ابنته على نماذج البنك التي لا تنتهي، ويكمل تحديث البيانات. هنا يقابله موظف آخر ويقول: وصل تقريرك من خلال (إحالة رسمية بالبريد اليومي) والآن اذهب وأحضر لنا شاهدين اثنين ومُزكّين اثنين قبل مقابلة الشيخ. يجيب الأب في دهشة: شهود على ماذا ومزكّون لماذا؟ يجيب موظف وزارة العدل بمنتهى الهدوء: شهود أنه ابنك وأنه مصاب بإعاقة.. واثنان يزكّيان أنه ابنك وأنه مصاب بإعاقة. يصمت الأب لوهلة غير مصدق.. ويسأل بدافع التظلم في حضرة العدل ويقول: طالما أن بطاقة العائلة (الرسمية) تؤكد أنه ابني.. والتقرير الطبي (الرسمي) يؤكد أنه يعاني من إعاقة.. فما الحاجة إلى الشهود والمزكين؟ فيجيب الموظف بمنتهى الهدوء أيضًا: اسأل وزارة العدل!

 

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2017/02/26

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد