آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد العوفي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

انسحاب الشركات الأجنبية.. أين الخلل؟

 

محمد العوفي ..

أن تنسحب شركة أو شركتان أو ثلاث وحتى عشر شركات من الاستثمار في السوق السعودية يعد ذلك في نظر البعض وضعا طبيعيا يحدث في جميع أسواق العالم، فيما يرى آخرون هذه الانسحابات أيا كانت مسبباتها مؤشرا سلبيا على وجود خلل ما في السوق السعودية أو في القوانين المنظمة للاستثمار لو كان السبب يعود إلى تغيير الشركة قراراتها، وفق ما يظهر من تعقيدات أو عدم وضوح في الإجراءات، ووجود فجوة بين التنظير والممارسة.

معظم هذه الانسحابات تحدث دون إبداء الأسباب، حيث تحتفظ الجهات الرسمية في حق عدم نشر الأسباب التي دعت هذه الشركة أو تلك للانسحاب إلا فيما ندر، وهذه الانسحابات أيا كان عددها تضعنا أمام مفترق طرق في كثير من القضايا ذات العلاقة بالاستثمار الأجنبي.

أحدها وأبرزها غياب الشفافية في إيضاح أسباب الانسحاب وما إذا كان يعود لاختلاف وجهات النظر أو تغيير الشركة قراراتها وعدولها عن الاستثمار في السوق السعودية، فالصمت ليس دائما حكمة إذا كان يجعلك في موقف الضعيف، فما نصمت عن الحديث عنه داخليا وخارجيا، تتحدث عنه الصحافة العالمية ومسؤولو الشركات بصوت مرتفع في المؤتمرات والندوات، ويحملون الحكومة ومؤسساتها مسؤولية هذه الانسحابات، كعدم الالتزام ببنود الاتفاق أو تعقيد الإجراءات وصعوبتها نتيجة لتعنت بعض المسؤولين وحرفيتهم.

القضية الأخرى، وهي نتيجة لما ذكر حول غياب الشفافية وإيضاح أسباب الانسحاب، وتتعلق بالرسالة السلبية التي ستصل للمستثمر الأجنبي الذي نفكر في جلبه، من هذه الانسحابات من السوق، هذه الرسالة لن تكون إيجابية مهما كان السبب، وتأثيرها السلبي سيكون أكثر حضورا وتأثيرا من المحاضرات التي نعقدها هنا وهناك والتنظير الذي نمارسه في المؤتمرات والندوات، فالمستثمر لا يهمه ما تقول، كل ما يهمه الممارسة والتطبيق، ولا سيما أن رأس المال جبان.
ولتلافي ذلك، من الأفضل أن تعقد كل جهة حكومية مؤتمرا صحفيا بعد انسحاب أي شركة أو مستثمر من السوق السعودية توضح فيه أسباب الانسحاب ونقاط الخلاف، لا أن يترك المجال لمسؤولي الشركات لتبرئة ساحتهم وكيل الاتهام

للجهات أو المؤسسات الحكومية بما يشوه مناخ الاستثمار ويوصل رسالة سلبية حوله.

النقطة الثالثة، قد تكون مخرجا مما سبق ذكره، وتتعلق بالقوانين المنظمة للاستثمار الأجنبي وممارسات الهيئات والجهات المسؤولة عنها، وهي بالطبع لا تتضمن أي اتهام لأحد، لكنها قد تسهم في تحديد أين يكمن الخلل بما يمكن من تصحيح الوضع، ويوقف فقدان وخروج مزيد من الاستثمارات والفرص السهلة، وتتعلق بمدى سهولة الإجراءات وضوحها، وعدم تناقض الطلبات بين الخدمات الخدمية، وتقليص مدة إنجاز التراخيص للمشاريع من أسباب نجاح كثير من الدول، ومقومات إقبال المستثمرين عليها.

أعتقد أن القوانين المنظمة للاستثمار الأجنبي وممارسات الهيئات والجهات المسؤولة عنها، وسهولة الإجراءات ووضوحها، وعدم تناقض الطلبات بين الخدمات الخدمية، وتقليص مدة إنجاز التراخيص للمشاريع قد تمثل كل الحكاية في انسحاب المستثمرين، وستحدد إقبال المستثمرين الأجانب من عدمه في المستقبل، وتعد مؤشرا رئيسا في تقييم سهولة وتنافسية الأعمال في مجال التنافس بين الدول منذ بدأ المنتدى الاقتصادي العالمي عام 1979 في إعداده بشكل سنوي.

وبالتالي فإن تصحيح قوانين الاستثمار وتسهيل الإجراءات والمواءمة بين النظرية والتطبيق، وتوفير المعلومات المطلوبة والدقيقة في الوقت المناسب، وتطوير آلية عمل الجهات المعنية بالاستثمار سواء كان المحلي أو الأجنبي خطوة أولى لوقف انسحاب مزيد من الاستثمارات، وتقليص الصورة السلبية عن المناخ الاستثماري.

صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2017/03/07

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد