آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فهد الأحمدي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

أفكارك ليست حـرة كما تعتقد (2-2)


فهد عامر الأحمدي ..

... نعـم أيها السادة؛ أفكارنا ليست حرة ولا نزيهة ولا مجردة من العواطف والميول كما نعـتـقـد..

قدمت في آخر مقال 19 دليلا تؤكد عـدم حريتنا في اتخاذ قراراتنا ـ وأننا مستعبدون لصالح ميولنا ورغباتنا وتصوراتنا المسبقة.. وفي مقال اليوم سأقدم المزيد من النماذج والدلائل على تأثر آرائنا وأفكارنا وقراراتنا بعوامل داخلية كثيرة (لا يشعر بها معظمنا)..

فنحن مثلا:
• نميل لتأييد الآراء وتضخيم النتائج التي تتـفق معنا، ونتجاهل أو نسفه النتائج والآراء التي تعارضنا (مهما بدت أدلتها قوية وحاسمة)..
• ولهذا السبب لا يهتم الناس كثيرا بالأدلة والإثباتات التي تقدمها (إذ يمكنهم تفسيرها بطرق ملتوية) بل بمسألة هل أنت معهم أو ضدهم..
• ونميل للاعتقاد بأن وسائل الإعلام والدعاية والتسويق والبروبغندا السياسية والإيدلوجية يمكن أن تؤثر على جميع الناس (إلا نحن)..
• ونميل لقبول الفرضيات والاختبارات والتكهنات التي تتفق مع شخصياتنا وأمنياتنا وتوقعاتنا (وهو ما يفسر ميل الناس لتصديق أي مشعوذ أو مدعٍ للغيب يتفق مع أمانيهم ورغباتهم وتوقعاتهم عن أنفسهم).
• كما نميل للاحتفاظ بالذكريات السيئة والتجارب المؤلمة أكثر من الذكريات الجميلة والتجارب الرائعة (فـالمطلقة تميل لسرد تجاربها السيئة، بعكس الأرملة التي تتذكر ماضي زوجها الجميل).
• ونميل لتقييم المستقبل قياساً بما حدث معنا في الماضي (وهذا سر قولك الدائم: كنت أعلم أن هذا ما سيحدث)!
• ونميل للإحساس بمرور الوقت سريعاً مع الأشياء التي ألفناها أو تعودنا إنجازها (لهذا السبب يبدو الطريق الذي نجهله أطول من الطريق الذي نعرفه).
• ونميل لتصديق ما يسهل علينا فهمه وحفظه وتكراره (ولهذا السبب تختار الأحزاب السياسية شعارات بسيطة يسهل فهمها وتذكرها مثل: أميركا أولا، أقوى معـا، لا للضرائب، والإسلام هو الحل...)
• كما نميل لتصديق العبارات التي تتضمن قافية جميلة (وهذا مايجعل بعض الأمثلة قوية ومؤثرة وواسعة الانتشار مثـل: أتعشى واتمشى، من علمني حرفاً صرت له عبداً)...
• ونميل لرفض أي دليل يأتي متأخراً أو يتناقض من النموذج الذي بنيناه سابقا (ويحصل هذا كثيراً مع المحققين الذي يبنون قضيتهم ضد متهم معين ثم يأتي دليل نقض يصعب عليهم تقبله).
• ونميل للمخاطرة والتهور كلما ارتفعت نسبة الاحتياطات ووسائل الأمان التي نتخذها (ولعلك جربت هذا الشعور كلما ربطت حزام الأمان أو قدت مؤقتا سيارة رياضية).
• كما نميل لاختيار وتضخيم ظاهرة اجتماعية واحـدة نعلق عليها كافة مشاكل المجتمع (وهكذا قد تسمع من يدعي أن القضاء على العنوسة أو البطالة كفيل بحل جميع مشاكلنا بما في ذلك تخلفنا عن اليابان وتايوان)!
• وأخيرا؛ نميل للاعتقاد بأن الكوارث وجميع الحوادث السيئة تحدث للآخرين وليس معنا (وهذا في الحقيقة مايعتقده أيضا المواطن الأميركي الذي يظننا نعيش حالات عنف واقتتال دائم في الشرق الأوسط).

... على أي حال؛ هـذه كلها مجرد نماذج لمؤثرات داخلية (وليست خارجية) تـؤثر على قراراتنا وأفكارنا والآراء التي نـخرج بها.
أتمنى منك إعادة قراءتها كون فهمك لطريقة عملها يساعدك على التفكير واستخلاص النتائج بشكل نزية ومحايد.

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2017/03/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد