أنمار حامد مطاوع ..
(الخَتْم) هو عبارة عن قطعة بلاستيكية أو معدنية تشتمل على عبارات أو رموز معينة تدل على الجهة التي تستخدمه؛ وهو يُستخدم لغرض توثيق ما يُختم به، وله قوة إثبات، وتترتب على الختم به حقوق قانونية؛ فهو بروتوكول شكلي يدل نظاميا على أن الجهة التي يتبع لها الختم مسؤولة مسؤولية تامة عن المحتوى والمعلومات الواردة في الورقة الرسمية.

بدأت قصة (الختم) قبل ما يقارب سبعة آلاف عام عندما صنعه الإنسان من الحجر والطين، ثم تدرج من الختم الشخصي إلى الختم الرسمي بشكله الحالي عبر مراحل متعددة من الحضارات الإنسانية والعصور الزمنية. تشير الدراسات إلى أن أول ختم في الإسلام هو ختم الرسول صلى الله عليه وسلم المكوّن من ثلاثة أسطر، في كل سطر كلمة: (محمد.. رسول.. الله)، كما أن الصدّيق رضي الله عنه اتخذ ختما نقش عليه (نِعم القادر الله) ويقال إن ختمه كان (عبد ذليل لرب جليل)؛ والأول أصح.

الهدف من هذه المقدمة هو الإشارة بالإصبع في وجه بعض الجهات الحكومية أو الأهلية التي حولت بعض المفاهيم والتوجهات -سواء كانت خاصة بإدارة أو وزارة أو خاصة بالدولة- إلى مجرد (ختم) يوضع في الترويسات والخطابات، وربما يُزرّق في الفعاليات أيضا -أيا كان نوعها-!

من المفاهيم والتوجهات التي تحولت -في كثير من استخداماتها- إلى مجرد ختم: التعايش.. التعصب.. الأمن الفكري.. مكافحة الإرهاب.. الإرهاب الإلكتروني.. وطبعا على رأس القائمة (رؤية 2030)..

يتحول استخدام هذه المفاهيم والتوجهات إلى نوع من العبث، فهو لا يتعدى خط (البروتوكول الشكلي)، ولا يدل على قيمة المسؤولية التي يتضمنها. بعض الجهات تضع هذه الشعارات وهي لا تفهم معناها. بعض المدارس تضع شعار رؤية 2030 ولا أحد من معلميها يعرف ما علاقة الرؤية بالتعليم أو كيف يمكن إنزالها عليه. تقام فعاليات لسوق تجاري أو جمعية أو جهة حكومية خدمية وتضع على مطبوعاتها وملصقاتها ختم (الأمن الفكري).. وربما لا أحد من المسؤولين عن تلك الفعالية يعرف تعريف الأمن الفكري أو ماذا يعني!

المفاهيم والتوجهات لا يجب أن تنساق وراء فكر العامة والرعاع لتتحول إلى ختم وشكليات لا تقدم في وعي المجتمع ولا تؤخر. يجب أن يعرف -من يضع تلك العبارات أو المسميات- معناها وغاياتها.. حتى يستطيع أن يترجم تلك المعاني والغايات من خلال رسالته وأهدافه وفعالياته التي يقدمها للجمهور.
 
صحيفة عكاظ