آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عادل السعيد
عن الكاتب :
ناشط حقوقي، عضو في المنظمة الأوروبية لحقوق الأنسان

هل السعودية بحاجة إلى القوة الناعمة لفرض سياستها القمعية في الداخل ؟!


عادل السعيد ..

في الوقت الذي لا يرتاب فيه اثنان حيال تأثير وسائل الإعلام الكبير والمتعاظم، وأنها باتت تتبوأ موقعا محوريا في بلورة وصياغة الرؤى السياسية والثقافية للأفراد والمجتمعات، وفي تشكيل آرائها الحاسمة إزاء قضاياها المصيرية والحاسمة. يفاجئنا الكثيرون بمجادلتهم حول أن السعودية تمتلك قوة صلبة، وليست بحاجة إلى الرأي العام أو لشرعية رجال الدين أو المثقفين؛ لأنها متغلبة وقادرة على بسط سلطتها بمنطق القوة الصلبة، وعنفها الذي تمارسه بحق مواطنيها ليس بحاجة إلى أذنٍ من خلال هذا التصريح أو ذاك المقال، حتى ولو كانت تتبنى وجهة نظره وتفلسفها!

يرى مؤلف كتاب ( القوة الناعمة : وسيلة النجاح في السياسة الدولية) جوزيف ناي الذي كان مساعدا لوزير الدفاع في حكومة بيل كلينتون ورئيس مجلس المخابرات الوطني أن القوة الناعمة هي سلاح مؤثر؛ يحقق الأهداف عن طريق الجاذبية والإقناع بدل الإرغام أو دفع الأموال.

ويسوق المؤلف في كتابه عددا متنوعا مما أدرجه تحت عنوان القوة الناعمة. ومن ضمنها: وسائل الإعلام، والماركات الأمريكية، والمشاهير والفنانين، وحتى الطعام الأمريكي. كما سلط الضوء في كتابه على التأثير الضخم لوسائل الإعلام الأمريكية ودورها في إنجاح السياسة الدولية لبلادها.

إن أمريكا وهي الدولة العظمى في العالم ، والتي تمتلك أضخم قوة صلبة على الإطلاق، تحتاج إلى الإعلام من أجل فرض سياساتها بالقوة الناعمة؛ لكي تحافظ على مصالحها في العالم بالإقناع والجذب، بأقل كلفة مما لو استخدمت القوة الصلبة التي هي لغة قهر وقسر، بذلك تحافظ على سمعتها التي ستتدهور بشكل أكبر حينما تستخدم القوة الصلبة بشكل مفرط ودائم .

لا شك أن أمريكا ليست استثناء في ذلك، فلا يخفى على عاقل بأن كافة الدول على اختلاف طبيعة حكمها، لديها إعلامها وقنواتها الخاصة، والكتاب الذين يعكسون وجهة نظرها ويفلسفون سياساتها من أجل إقناع الجمهور وجذبه، وعلاوة على ذلك الاستطلاعات المزيفة التي تحاول توجيه الجمهور لما يريده من يقف خلفها.

 

بواسطة الإعلام يُتلاعب بالعقول

عن طريق تقارير إستخباراتية مفبركة ومزيفة استطاعت أمريكا بما تمتلكه من قوة ناعمة إقناع الكثير من الدول وجزء كبير من سكان العالم بأن النظام العراقي السابق ورئيسه صدام يمتلكون أسلحة نووية، من شأنها تهديد الأمن الدولي بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص، مما دعاهم للتأييد والمشاركة في غزو العراق، ولكن بعد سنوات من ذلك ظهر للعالم بأن الأسلحة النووية لم تكن إلا كذبة من أجل غزو العراق وتدميره وسرقة ثرواته.

تقوم السعودية منذ فترة بواسطة صحافتها وإعلامها الأعور باتهام مجموعة من المطلوبين على أثر الحراك المطلبي بجرائم خطف وقتل وسرقة حدثت في أماكن مختلفة في شرق البلاد ،كالدمام والقطيف وتاروت وسيهات وغيرها. ودقت هي ومجموعة من الشخصيات القطيفية المحلية طبول ما أسموه الحرب على الإرهاب في العوامية بادعاءات غير مثبتة قانونيا، إضافة إلى مطالبة أبناء المجتمع بالتعاون مع السلطة من أجل الإيقاع بهؤلاء الإرهابيين بحسب تعبيرهم.

لا ريب بأن سعي الحكومة السعودية - للإيقاع بشخصيات محلية لها مكانتها في المجتمع من أجل مناداتها لإنهاء ما أسموه حالة الانفلات الأمني، وتأييدها في تشخيصها الجائر لأصل المشكلة، وطريقة علاجها بواسطة العنف- يقصد منه جذب الجمهور وإقناعه بوجهة نظر السلطة وروايتها، فهذا جزء من فن الإقناع.

في أخر مداهمتين في العوامية، اتضح بشكل قاطع لكافة أبناء مجتمعنا الحبيب بأن السلطة تستخدم شعار محاربة الإرهاب من أجل قمع وقتل من تشاء من أبناء المجتمع حتى لو كان طفلا، متسترة بمواقف الشخصيات المحلية في الداخل والخارج. ولاحظ الجميع بأن السلطة لا تتورع في اتهام ضحاياها ووصمهم بالإرهاب والإجرام، بالرغم من علم كافة أبناء المجتمع بكذبها الصريح والفاقد للمصداقية.

الحكومة التي تكون هذه طبيعتها، لا يستبعد بتاتا بأنها هي من تقف خلف كل جريمة مجهولة؛ خصوصاً بأن أرباب السوابق من أهل الإجرام وتجار المخدرات والخمور هم أصدقاؤها، ولا يجد الكثير من المتابعين أدنى غرابة بأنهم - المجرمون - قد ينفذون فظائع الجرائم لنيل رضاها مقابل غضها الطرف عن تجارتهم التي يأخذ بعض الضباط إتاوات عليها.

أضيف بتاريخ :2017/04/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد