آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
أيمن بدر كريم
عن الكاتب :
طبيب استشاري في أمراض الصدر واضطرابات النوم لدى الكبار، كاتب رأي في صحيفة المدينة السعودية مؤلف كتاب النوم رحمة

«خصوصية مُجتمعية سعودية»


أيمن بدر كريّم

يتكرر مصطلح «الخصوصية» كثيـرًا خلال نقاشات تتناول قضايا ومشكلات اجتماعية وسلوكية في المجتمع السعودي، وهو أمرٌ يدعو بعضهم إلى التعجّب والتساؤل، وبعضهم الآخر إلى الفخر والاعتزاز، ولعل كلا الفريقين على حق.

لست متأكدًا من المعنى المُراد «بالخصوصية» التي يتمتع بـها المجتمع السعودي، فمِن المُتعارف عليه أنّ لكلّ مُجتمع سِـماته العامة من عادات وتقاليد ومُميزات، وقد يشاركه فيها عدد من المجتمعات الأخرى، ولا أعلم تمامًا لماذا انتشر هذا المصطلح في كلّ نقاش يتعلّق بقضايا حيوية ومُشكلات غيـر مُبررة، قد تجاوزتها كثيـر من المجتمعات المتقدمة بعقلانية وقرارات واضحة لا تدع مجالا للجدل واللغط، بل تم تنظيمها وتقنينها بما يتوافق مع مبادئ الإنسانية والعدالة الاجتماعية التي تتبناها الشريعة الإسلامية.

ومن متابعتي لبعض القضايا، فهمت أن «الخصوصية السعودية» قد تمّ استغلالها بشكل سيئ من بعضهم لذرّ الرماد في العيون، والـمزايدة على الدين والوطنية والأخلاق، في محاولة فرض واقعٍ يتسبب في تأخر النهضة الإنسانية والفكرية والثقافية للمجتمع السعودي، وخاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة السعودية، التي وضعها بعضهم في قالب مُـحدد وضيق، تبعًا لتصوّره الخاص، ومرجعيته الفكرية الثقافية النمطية.

من المُستغرب، كيل بعض الناس بمكياليـن، فهم تارة مع المدنية الحديثة التي اقتحمها المجتمع السعودي من واسع أبوابها الثقافية والتقنية والفكرية والصحية والإعلامية والاقتصادية، وتارة مع الانغلاق على الذات ورفض المُختلف، كما يتم اتهام بعض المفكرين والمثقفيـن بمحاولات اقتحام «الخصوصية السعودية» عند تناولهم قضايا جدَلية تتعلق بالإرث الثقافي أو الديني، ومناقشة هموم المجتمع، من أُناس يتم اتهامهم من جهة أخرى بالتشدد والرجعيّة، واستغلال فتاوى معينة تعبـّر عن آرائهم وانطباعاتهم الشخصية، ولا تمثل بالضرورة الرأي السديد أو الحقيقة، فالحقيقة في كثيـر من الأحوال، نسبية!!.

أرى أن يتم تجاوز ما يسمى «بالخصوصية المُجتمعية» وعدم إقحام عادات وممارسات مناطقية في قضايا مصيـرية، تستدعي تدخّلات من الجهات المعنية لتنسيق الجهود وضبط السلوك واحتواء الآخر، وتكريس مفهوم الوطنية الحقّة، وتسهيل التحوّل المنضبط لمجتمع المؤسسات المدنية دون إبطاء، وإثراء الثقافة المنفتحة على أنظمة المجتمعات المتقدمة، دون ضررٍ ولا ضِرار، ففي النهاية، يجب ألا يُزايد أحدٌ على القيم والثوابت الإسلامية للمجتمع السعودي، التي يشاركه فيها أيضًا عدد من المجتمعات الإسلامية والعربية الأخرى.
 
صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/04/24

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد