آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
هبة زهير قاضي
عن الكاتب :
كاتبة زاوية في صحيفة مكة. مستشارة ومدربة تصميم المشاريع

جاءنا الكتاب التالي

 

هبة زهير قاضي

 (كتابك عملتك) هي مبادرة فكرية، اجتماعية أطلقتها مجموعة من الشباب الناشطين في مجال القراءة، الثقافة (منصة كتبجي بقيادة عبدالمجيد تمراز)، والخدمة المجتمعية (دانية المصري) في مدينة جدة، احتفاء بيوم الكتاب العالمي الموافق 23 أبريل. تقوم فكرة المبادرة على مفهوم تحويل الكتاب إلى عملة يمكن الشراء والمقايضة بها للحصول على الخدمات والسلع. فقاموا بالاتفاق مع أحد المقاهي (مد كافيه) بحيث يمكن شراء مجموعة من أنواع القهوة مقابل عدد معين من الكتب. واتفقوا مع مجموعة من المستشارين والشخصيات المؤثرة بحيث يمكن مقايضة الاستشارة معهم أيضا مقابل كتاب. وكانت حقا أمسية رائعة ببساطتها وعفويتها ورائحة الكتب والقهوة. الأجمل هو أن كل هذه الكتب التي تم تجميعها سيتم تنسيقها وترتيبها، ليتم عمل مكتبات بها في مجموعة من الأحياء والمراكز التي تفتقر للكتب والمكتبات في المناطق الفقيرة والبعيدة.

ربما يتساءل البعض، ولماذا كل هذا العناء؟ وهل يجب أن نقرأ لنكون أناسا جيدين؟ وهل القراءة ستحل مشاكلنا وتقوم سلوكياتنا وتمسح مآسينا؟ لذا يا أيها المتسائلون والمتعجبون بل والمستنكرون أسألكم أن تعيروني مخيلتكم قليلا ولنتخيل خطابا لوزير الفكر والأفكار المتخيل ولنتخيل أنه سيكون كالتالي:
(فإنه بناء على الكساد العظيم للكلمة القيمة والمعلومات الموثوقة، والرواج العظيم للكلام الفارغ، والمعلومات المبعثرة، فقد قررنا إدخال منهج الكتب القيمة والجذابة، والقصص المليئة بالحكم والمواقف في مدارسنا ومناهجنا التعليمية لكي يتعلم أولادنا بحماسة ومتعة بدلا من الحفظ والتلقين اللذين عطلا التفكير والاستباقية وحفزا التقليد والتبعية. وأنه بناء على ردود الأفعال السلبية التي نتجت عن الندوات الوعظية، وحصص المكتبة التي تمايلت على رفوفها شبه الفارغة بضع كتيبات وكتب دينية عن عذاب القبر وخروج المسيح الدجال، فقد قررنا التخلص من كل رواسب مدرسة الوعظ التقليدي واستبدالها بمواد مواكبة وذات فكر متناسب مع العصر وكتب حديثة ورقية ورقمية توسع المدارك، تواكب التطور وتفتح الآفاق نحو المستقبل).

عزيزي المستنكر أو المتعجب، يجب أن تدرك أن مأساة البشرية في القرن العشرين كانت تتمحور حول المرض، الجوع، الفقر، والتشرد، وعليه كانت تصرف التبرعات والأموال حول العالم لشراء طعام البطون، علاج المرضى، وبناء البيوت. ثم أشرقت شمس القرن الـ21، قرن التطور، والتكنولوجيا والعولمة، كاشفة عن مشاكل عهد جديد، أصبح الجهل، والعنصرية، والحرب هي آفاته التي تكاد تفتك به.

لذا فإن دول العالم الأول تركز بشكل رهيب على المعرفة والتنوير الفكري. وترى منظماتهم الإنسانية ومتبرعيهم ينفقون جل الأموال لبناء المدارس في المناطق الفقيرة، ويقيمون الحملات للتبرع لتجهيز المكتبات وتوفير الكتب. ذلك لأنهم أدركوا أن الجهل ومحدودية الفكر كانا وسيكونان وسيظلان هما آفة الإنسان وسبب الفقر، والتأخر والحروب. وإن ما قد يفصل بين الإنسان والحياة الكريمة التي يتمناها، هو مجرد كتاب يخرج عقله ثم جسده من ظلمات الجهل إلى أنوار الوعي، فيتمكن من تغيير مصيره وربما مصير أمة بأكملها.
 
صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2017/04/26

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد