آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

هل الحرب بين “حزب الله” والعدو الإسرائيلي باتت وشيكة فعلا؟


عبد الباري عطوان

من يتابع هذه الأيام الصحافتين اللبنانية والإسرائيلية، وبرامج الحوارات السياسية على محطات التلفزة في الجانبين، يخرج بانطباع راسخ بأن الحرب بين إسرائيل و”حزب الله” باتت وشيكة، وأن معظم المؤشرات والتحليلات لكبار المحللين العسكريين، وهم جنرالات، تصب في هذا الاتجاه.

ومما زاد من سخونة هذه التوقعات إقدام “حزب الله” على تنظيم جولة قبل أيام لعشرات الصحافيين اللبنانيين والأجانب إلى جنوب لبنان، في سابقة غير معهودة، ظهر خلالها عناصر الحزب بكامل أسلحتهم من أحد الوديان، وعلى بعد أمتار قليلة من الحدود مع فلسطين المحتلة، في رسالة واضحة تقول مفرداتها أن “الحزب” يأخذ التهديدات الإسرائيلية بالحرب بجدية مطلقة.

صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية اليمينية كشفت قبل أيام عن إعداد خطة لإجلاء مئات الآلاف من الإسرائيليين المقيمين في الجليل قرب الحدود من لبنان، توقعا لنشوب الحرب، وتعتقد أوساط أكاديمية إسرائيلية أن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وتأييده اللامحدود لبنيامين نتنياهو الذي يواجه تهما بالفساد، وتحشيده دولا عربية من بينها مصر والأردن ودول الخليج لتشكيل “ناتو شرق أوسطي” ضد إيران، ربما يرفع من منسوب القلق، ويعجل بإشعال حرب مع إيران.
***
الخبراء العسكريون الإسرائيليون يؤكدون أن لدى حزب الله أكثر من مئة ألف صاروخ من مختلف الأحجام والأبعاد، وأنه في حال حدوث حرب، فإن الحزب سيطلق ما معدله ألفي صاروخ يوميا تستهدف العمق الإسرائيلي، بالمقارنة بـ 150 صاروخا يوميا في حرب تموز (يوليو) 2006.

القيادة الإسرائيلية تعتبر “حزب الله” أكثر خطرا من أي وقت مضى بعد تعاظم قوته وخبرته القتالية، وازدحام ترسانته بالصواريخ الأحدث، مما لا يستبعد أقدامها على ضربة استباقية تقلص خسائرها، وتعيد الهيبة للجيش الإسرائيلي بعد خسارته لها في حربي قطاع غزة الأخيرة، وقبلها حرب “تموز″ اللبنانية عام 2006.

نظرية الصقور الذين يقرعون طبول الحرب، تقول أن هذه الضربة الاستباقية ضرورية قبل امتلاك الحزب قدرات هجومية أكبر، وبسبب انشغاله حاليا في الحرب السورية، مضافا إلى ذلك أن خسائر إسرائيل الآن قد تكون أقل مما سيكون عليه في حال نشوب الحرب بعد عام أو عامين أو ثلاثة.

أكثر ما يقلق القادة في إسرائيل حاليا أن “يتمدد” حزب والله وقوات الحرس الثوري الإيراني في الجنوب السوري، وفتح جبهة الجولان، فهناك حوالي 25 ألف مقاتل إيراني يتواجدون حاليا في وسورية بما في ذلك قوات الحرس الثوري وميليشيات من باكستان وأفغانستان والعراق، ويمكن أن يتحول هؤلاء إلى أذرع قتالية لحزب الله في جبهة الجولان، وهذا ما يفسر اغتيال الشهيدين سمير القنطار، عميد الأسرى العرب في سجون الاحتلال، وجهاد عماد مغنية اللذين كانا يخططان مع خبراء في الحرس الثوري الإيراني لإحياء هذه الجبهة.

تهديد السيد حسن نصر الله في أكثر من خطاب ألقاه أخيرا بضرب مخازن غاز الايمونيا السام في حيفا، ومفاعل ديمونا النووي، وآبار الغاز ومنصاته في البحر المتوسط، لا يأتي في إطار الحرب النفسية، وإنما أيضا انعكاسا لحالة الثقة المتزايدة لقائد المقاومة الجنوبية، ولبث الرعب في قلوب الإسرائيليين.

قصف مخزن أسلحة قيل أنه تابع لحزب الله قرب مطار دمشق الأسبوع الماضي بعدة صواريخ إسرائيلية ربما يأتي تحديا لروسيا ولحزب الله، وإحراجا للقيادة السورية، ومحاولة لجرها للرد على غرار ما حدث بعد الغارة الجوية الإسرائيلية على قافلة أسلحة لحزب الله قرب مدنية تدمر، ولكن أطراف هذا المثلث تحلت بضبط النفس ولم تتصد لهذه الصواريخ، ولم ترد لأسباب ما زالت غامضة، لكن هناك من يقول أن الرد المقبل سيكون استراتيجيا.
***
المسرح على الجبهتين اللبنانية والسورية بات مهيئا للحرب، وحالة الهدوء الحالية ربما لن تطول، خصوصا أن الحرب المقبلة في حال اشتعالها لن تكون ضد حزب الله وإنما مقدمة لحرب ضد إيران ومحورها الذي يمتد حزامه العسكري والأيديولوجي من مزار شريف غرب أفغانستان حتى الشواطيء اللبنانية على البحر المتوسط.

كل القبب الحديدية في العالم لن تستطيع التصدي لألفي صاروخ تهطل كالمطر على مختلف المدن والمستوطنات الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، وربما يكون الموقف أكثر خطورة، لو انضمت حركة “حماس″ وباقي الفصائل المقاتلة الأخرى (مثل الجهاد والجبهة الشعبية وقوات المقاومة الشعبية) إلى هذه الحرب، وأطلقت العنان لترسانة صواريخها لضرب أهداف إسرائيلية من الجنوب، لأن هذه الحرب في حال اشتعالها ستكون أم الحروب وأبوها، وربما آخرها، وانتصار الجانب العربي والإسلامي مرجح أكثر من أي وقت مضى، لسبب بسيط لأن من يمثل العرب والمسلمين فيها ليست الجيوش التقليدية “المتكرشة”، وإنما فصائل المقاومة المؤمنة التي تتطلع للشهادة.

إنها حرب قد توحد الأمتين العربية والإسلامية، وتنهي حالة الانقسام، والمحاولات الدؤوبة لتحويل إسرائيل من عدو إلى صديق، فليس هناك قضية توحد ولا تفرق غير القضية الفلسطينية.. والأيام بيننا.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/05/01

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد