آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله عبدالمحسن الفرج
عن الكاتب :
كاتب سعودي

كوريا الشمالية والاندماج في المجتمع الدولي


د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج

التجربة الصاروخية الناجحة لكوريا الشمالية مؤخرًا تشير إلى أن هذا البلد قد حقق تقدما واضحا في صناعة الصواريخ. فحسب وجهة نظر المسؤولين اليابانيين فإن كوريا الشمالية قد برهنت خلال عملية الإطلاق الأخيرة على أنها قد تمكنت من تحقيق تقدم واضح في صناعة محركات الصواريخ. وهذا يعتبر إنجازا تكنولوجيا للصناعة العسكرية الكورية الشمالية. فالصاروخ الذي أطلق في منتصف هذا الشهر هو صاروخ، كما يراه المتخصصون، من طراز جديد. وإلى هذا ربما يعود السبب في إصرار بيونغ يانغ على مواصلة تحدي الإرادة الدولية. فهي كانت تريد أن تبرهن على أنها قد أصبحت قادرة على حماية نفسها بنفسها.

إن هذا النجاح الكوري الشمالي يسلط الضوء على أمرين: الأول أن التقدم العلمي والتكنولوجي ليس حصرا على نخبة من البلدان دون غيرها. الأمر الآخر هو إن الإدارة المركزية الشديدة ليست أمرا سلبيا دائمًا. فهذا البلد قد تمكن رغم الحصار من تحقيق إنجازات علمية وتكنولوجية تجعل خوض المعركة ضده في غاية الصعوبة. وهذا ليس أمرا يسيرا. فهذا البلد قليل الموارد قد استطاع تحقيق ما تعجز عنه بلدان أخرى أكثر منه بما لا يقاس من حيث الإمكانيات.

من ناحية أخرى فإن هذا التقدم في المجال العسكري، والذي يعكس حسن التنظيم والإدارة في هذا القطاع، لا نرى ما يماثله في الجانب الاقتصادي. فنصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي الكوري الشمالي عام 2016 وصل إلى 1013 دولارا. وهو مقارنة بكوريا الجنوبية، الذي وصل فيها هذا المؤشر في نفس العام إلى 71647 دولارا، يعتبر منخفضا جدًا؛ وذلك على الرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي في كلا الكوريتين عام 1960 كان في مستوى واحد تقريبًا.

إن هذا التطور وحيد الجانب الذي يقتصر على تحقيق الإنجازات في المجال العسكري ويعجز عن تحقيق مستوى، لا نقول يوازي وإنما على الأقل، مقبول في المجال الاقتصادي لا يمكن أن يفسر بالمقاطعة المفروضة. فهذه الأخيرة شاملة وهي في الجانب العسكري أكثر صرامة من بقية المجالات. إن وضع الكوريتين يذكر بوضع ألمانيا قبل الوحدة. فقد كانت ألمانيا الغربية التي تسير وفق اقتصاد السوق متطورة اقتصاديًا أكثر من ألمانيا الشرقية التي كان اقتصادها مثل كوريا الشمالية موجه.

ولذلك فقد يكون من الأفضل للانتقال السلمي لهذا البلد هو استبدال لغة الحصار والمقاطعة بلغة التشجيع على الاندماج في المجتمع الدولي ليتسنى له الانتقال مثلما انتقلت الصين من دولة منغلقة -بعد زيارة نيكسون إليها- إلى مثلما نراها عليه الآن.

صحيفة الرياض

أضيف بتاريخ :2017/05/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد