آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

إسقاط أمريكا طائرة حربية سورية “استفزازا” متعمدا لروسيا وحلفائها..

 

عبد الباري عطوان

عادت عمليات “التسخين” مجددا إلى الجبهة السورية بعد إسقاط الدفاعات الجوية الأمريكية طائرة حربية سورية من طراز “سوخوي” في منطقة الرصافة غرب مدينة الرقة، وهي الخطوة التي اعتبرتها القيادة الروسية “عدوانا”، ودفعتها إلى وقف تعاونها مع واشنطن على صعيد منع الحوادث الجوية في تطور غير مسبوق منذ اندلاع الصراع في سورية قبل ست سنوات.

من الواضح أن القوات السورية التي حققت تقدما كبيرا في الفترة الأخيرة تمثل في فتح الحدود السورية العراقية وتأمينها للمرة الأولى منذ سنوات، والسيطرة على منطقة حجمها 25 ألف كيلومترا مربعا في البادية السورية، وجهت رسالة قوية إلى التحالف الأمريكي بقصفها لقوات سورية الديمقراطية غرب الرقة، تقول كلماتها أنها لن تتنازل عن حقها الشرعي في استعادة هذه المدينة من “الدولة الإسلامية” أو داعش، وإعادة سيطرتها على مدينة دير الزور المجاورة حيث آبار الغاز والنفط.
***
دعمت إيران هذا التقدم لقوات الحليف السوري بإطلاق صواريخ باليستية استهدفت مواقع “الجهاديين” في دير الزور، وأصبتها بدقة متناهية، قالت إنها جاءت ردا على الهجوم الإرهابي قبل أسبوعين وتمثل في اقتحام البرلمان، وتفجير انتحاري داخل مرقد الإمام الخميني في قلب مدينة طهران.

إطلاق هذه الصواريخ الباليستية الإيرانية في هذا التوقيت، وللمرة الأولى منذ ثلاثين عاما، رسالة إلى عدة أطراف أبرزها المملكة العربية السعودية التي اتهمتها السلطات الإيرانية بالوقوف خلف المجموعة الإرهابية التي هاجمت البرلمان، رابطة بين هذا الهجوم وتهديدات الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي، بنقل المعركة إلى العمق الإيراني.

إسقاط أمريكا لطائرة حربية سورية “استفزاز″ غير مسبوق، وتأكيد إضافي بأن أمريكا تدعم قوات جيش سورية الديمقراطية، ومستعدة للتصدي لأي اعتداء يستهدفها، مما يؤكد أنها تخطط عسكريا لإقامة كيان كردي في شمال سورية على غرار إقليم كردستان العراق.

قوات سورية الديمقراطية استطاعت السيطرة على مدينة الطبقة، المرشحة لكي تكون الحاضنة لقاعدة عسكرية أمريكية، وتتقدم حاليا لإحكام قبضتها على مدينة الرقة، عاصمة “الدولة الإسلامية”، بعد أن تلقت شحنات أسلحة ومعدات أمريكية متطورة تشمل دبابات ومدرعات، ومدفعية ثقيلة، وسط تحليلات تؤكد أن هذه القوات ستكون نواة جيش الدولة الكردية الجديدة على غرار قوات “البشمرغة” في كردستان العراق المدعومة أمريكيا أيضا.

أمريكا تخلت عن حلفائها الأتراك التقليديين، وكسرت تفاهماتها مع روسيا في سورية على الأقل، وبدأت تتبنى الأكراد كحلفاء استراتيجيين، ولكن هذا التحرك الأمريكي ربما يكون مقدمة لصدام مع روسيا، ومع السوريين والعراقيين والإيرانيين أيضا، وهو صدام قد يتطور إلى حرب شاملة في ظل وجود رئيس أمريكي أرعن مثل دونالد ترامب، يريد إثبات قوة عضلاته في الخارج لتعزيز شعبيته المتهاوية في الداخل، ونفي كل التقارير والإشاعات حول علاقته مع روسيا ودعم الأخيرة له.
***
الجيش العربي السوري يملك الشرعية المطلقة في استعادة كل المناطق الواقعة خارج سيطرته، وعلى رأسها مدينتي الرقة ودير الزور، تماما مثلما فعل في حلب وحمص وتدمر وحماة، وأحبط هجمات للتسلل إلى أحياء في العاصمة دمشق.

الولايات المتحدة تلعب بالنار في سورية بسبب تراجع نفوذها وقوات المعارضة المسلحة التي كانت تقاتل تحت رايتها، وفشل الأخيرة في تحقيق أهدافها في إسقاط النظام السوري، وأي مواجهة مسلحة مع روسيا وحلفائها قد تشعل حربا مدمرة تكون هي الخاسر الأكبر فيها، لأن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الدعم الأمريكي لتغيير الواقعين الجغرافي والديمغرافي في سورية وتقسيمها إلى “إمارات” على أسس عرقية وطائفية، وتخرق خطوطا حمر بإسقاط طائرة سورية.

بعد ست سنوات من الحرب الدموية، وصمود الجيش السوري، وتماسك مؤسسات الدولة السورية، بات مشروع تقسيم سورية وتفتيتها أكثر صعوبة من أي وقت مضى، وهنا تكمن حالة الغضب والإحباط الأمريكية التي تقف وراء الارتباك والاستفزاز العسكرية، الذي نرى إرهاصاته واضحة للعيان حاليا.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/06/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد