آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

هل ستدخل الأزمة الخليجية شهرها الأول وربما عامها الأول أيضا؟


عبد الباري عطوان

دخلت الأزمة الخليجية أسبوعها الثالث وإذا تتبعنا التطورات العدائية المتصاعدة، والشروط المسبقة التي تتمسك بها أطرافها المتخاصمة، فإننا قد نكتب عن دخول هذه الأزمة شهرها الثالث، وربما عامها الثاني، تماما مثلما هو الحال مع أزمات أخرى مثل “عاصفة الحزم” في اليمن.

الوساطة الكويتية التي كان يعول عليها الكثيرون لإيجاد حل سريع سياسي سريع تبخرت، ولم تعد موجودة على الطاولة، والشيء نفسه يقال عن نظيرتها الأمريكية التي تمثلت بدعوة للرئيس دونالد ترامب لعقد قمة في واشنطن وقبرت في مهدها، لعدم استجابة أي من الأطراف لها، أما الوساطة التركية فنفقت قبل أن تبدأ، وأعطت نتائج عكسية عندما أزمت العلاقة التركية السعودية.

هناك حربان تشتعلان حاليا على طرفي الأزمة، الأولى إعلامية، والثانية دبلوماسية، فإذا كانت الحرب الإعلامية بدأت مبكرا، وتزداد شراسة، فأن الحرب الدبلوماسية الراهنة غير مسبوقة، ونجومها وزراء الخارجية في كل من قطر والإمارات والمملكة العربية السعودية، واللافت أن هؤلاء الوزراء يتنقلون بين العواصم العالمية والأوروبية خصوصا، الواحدة تلو الأخرى على غير العادة في شهر رمضان الكريم، الذي يقاطع فيه المسؤولون الخليجيون، في مختلف المجالات، شيء اسمه العمل، ويفضلون الخمول والنوم نهارا والسهر ليلا، ولن يكون العيد سعيدا في ظل هذا التأزيم.
***
الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، وحليفه السعودي محمد بن سلمان، ولي ولي العهد، يقودان الأزمة نيابة عن خصوم دولة قطر الأربعة، بينما تحشد دولة قطر كل أسلحتها وحلفائها في الجهة المقابلة، فوزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، يلاحق نظرائه السعوديين والإماراتيين في كل عاصمة يزورونها، ولم يفطر يوما مع أسرته في الدوحة، وانضم إليه الشيخ حمد بن جاسم، رئيس الوزراء السابق، المعروف بقدراته “التآمرية” العالية، ومواهبه الإعلامية الفذة، وبات يتخذ من واشنطن مقرا له في هذه الأيام، واضعا كل خلافاته مع الأمير تميم بن حمد آل ثاني جانبا، وبتنسيق مع الأمير الوالد صديقه القديم وشريكه في مؤامرة “الانقلاب الأبيض”، الذي أوصل الثاني إلى قصر الإمارة عام 1996، والشيء نفسه يقال أيضا عن تمترس الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي في أروقة الكونغرس ودهاليز الإدارة الأمريكية.

الأزمة تدخل بشكل متسارع مرحلة “الروتينية”، وربما هذا ما يريده التحالف الرباعي المعادي لدولة قطر الذي يراهن على عنصر الوقت لتشديد الحصار وإلحاق أكبر قدر من الأذى والمعاناة في صفوف القطريين حكومة وشعبا، انتظارا لحدوث تمرد أو انقلاب داخلي.

الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الذي أصبح المتحدث الرسمي غير المتوج باسم خصوم قطر، قال في مؤتمر صحافي مساء أمس أن “عزل قطر سيستمر لسنوات.. نعتزم إتباع الشدة وأنه ليس المطلوب تغيير النظام وإنما تغيير السلوك”، متمنيا “أن يكون هناك عقلاء داخل العائلة الحاكمة القطرية يمكنهم التأثير على الأمير تميم”.

كلهم يؤكدون أنهم لا يريدون تغيير الأنظمة، السعوديون والإماراتيون والأمريكان والفرنسيون، ولكنهم يفعلون عكس ذلك في نهاية المطاف، وهذا ما حدث في ليبيا والعراق واليمن، بل وفي قطر نفسها من خلال انقلابات داخلية “بيضاء” مرتين على الأقل، وتمنيات الدكتور قرقاش بوجود عقلاء داخل العائلة الحاكمة في قطر هي دعوة، أو تحريض، على تحرك انقلابي داخلي أو هكذا نفهمها.

من يعرف القطريين، خاصة الذين يترأسون غرفة العمليات التي تدير الأزمة، و”الأمير الوالد” حمد بن خليفة آل ثاني على وجه الخصوص، يدرك جيدا حجم “العناد” لدى هؤلاء، وإصرارهم على السير حتى نهاية الشوط، وهذا ما يفسر التصريح الأخير الذي أدلى به الشيخ بن عبد الرحمن، وزير الخارجية وقال فيه “إن المفاوضات يجب أن تقوم على أسس حضارية وليس تحت الضغط”، مضيفا “طالما أن قطر تحت الحصار فلن تكون هناك مفاوضات”.
***
هذا التصريح يطلب المستحيل، أي رفع الحصار أولا، ونقول ذلك لأن الدول التي فرضت هذا الحصار تريد تشديده لإجبار قطر على التنازل والركوع أمام لائحة المطالب التعجيزية وكلفت خبراء قانونيين غربيين يعكفون حاليا على إعدادها، وربما تعلن في غضون أيام، وهذا هو سبب التأخير.

أكبر ضرر لحق بدولة قطر، في اعتقادنا، هو ربطها بالإرهاب، والضخ الإعلامي والدبلوماسي المتواصل في هذا الصدد، ووضعها في حالة دفاع عن النفس، واستنزاف احتياطاتها المالية في حرب اقتصادية وقانونية طويلة الأمد، فالخطوة المقبلة ربما تتمثل في تجميد أرصدة قطرية في بنوك هذه الدول، وسحب ودائع إماراتية وسعودية من البنوك القطرية يبلغ حجمها 18 مليار دولار، في محاولة لشلّ القطاع المصرفي القطري.

اليوم نكتب، وربما غيرنا أيضا، عن دخول الأزمة أسبوعها الثالث، وفي المرة المقبلة عن شهرها الأول، ثم بعد ذلك تكر سبحة المقالات في هذا الشأن، وتذكروا كلامنا هذا جيدا.. والأيام بيننا.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/06/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد