آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي الشريمي
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سعودي

نيابة مكافحة الفساد


علي الشريمي  

أقترح انتداب نيابة متخصصة لدى هيئة مكافحة الفساد تحت مسمى «نيابة مكافحة الفساد»، على أن تكون جزءا من «النيابة العامة»

سأبدأ مقالي بهذا السؤال: هل إفلات المجرم من العقاب أخطر من الجريمة ذاتها؟

الجواب: نعم، لأن المجرم الذي لا يعاقب يستمر في إجرامه بدون رادع معتقدا أنه أقوى من سلطة القانون، وبالتالي تتفشى الجريمة وتصبح نمط حياة. وبالمقابل نجد أن العقاب يجب أن يخضع لقواعد عدالة صارمة لا تمنح الفرصة لأي سلطة إدارية مستهترة أن تتجاوز القانون، وتتجاوز شروط العدالة المستحقة، والقضاء المستقل.

المجرم في الواقع ليس هو من ينتهك القانون، بل هو الذي يلقى القبض عليه ويدان ويعاقب ويسجل ذلك في سجله الجنائي، أما إن لم يقبض عليه فهنا الكارثة الكبرى، فكم لدينا من مجرمين طلقاء فقط، لأنه لم يتم القبض عليهم.

ولعل من أخطر الجرائم التي يرتكبها البشر في العالم اليوم هي جرائم الفساد، خاصة الجرائم الماسة بالمال العام وما في حكمها، مثل الرشوة والاختلاس والتزوير وغسل الأموال، وقد صار موضوع الإفلات من العقاب في جرائم الفساد نقطة أساسية في بناء المجتمعات، وبالذات الدول التي كان الفساد ضاربا في جسدها مثل «هونج كونج»، إذ لم يكن أحد يتخيل إمكانية تراجعه، حيث صار جزءا أساسيا من الثقافة السياسية والاجتماعية، وصارت البلاد تدار بالفساد. حتى تشكلت إرادة جادة بأن القضاء صار عليه مسألة وجود، وكان السؤال الرئيس المطروح بعد إنشاء هيئة مكافحة الفساد: كيف يمكننا ملاحقة مجرمي الفساد ومعاقبتهم؟ وبدؤوا بإقرار المحاكم الخاصة بجرائم الفساد، خاصة محاكم الأموال العامة، وهكذا وبعد خمس سنوات فقط من هذه التدابير القانونية والإدارية والقضائية تراجعت معدلاته بشكل ملحوظ، وأشادت بسجلها المنظمات الدولية المتخصصة، واستعادت الحكومة تدريجيا ثقة كانت مفقودة.

في المملكة كشف آخر تقرير لهيئة مكافحة الفساد عن تلقي الهيئة 201 بلاغ عن سوء استخدام المال العام خلال عام 1436 - 1437 بزيادة قدرها 130 بلاغا عن العام الذي سبقه، والذي بلغت فيه بلاغات سوء استخدام المال العام 71 بلاغا، لم يكشف التقرير عن عدد محدد ممن ثبتت بحقهم جرائم سوء استخدام المال العام، السبب الجوهري في نظري هو عدم وجود دوائر قضائية ومحاكم مختصة لجرائم الفساد، وهو إطار مؤسسي مهم لطالما طالبنا بوجوده.

وأقترح هنا ـ خاصة بعد تحول «هيئة التحقيق والادعاء العام» إلى «نيابة عامة» ـ انتداب نيابة متخصصة لدى هيئة مكافحة الفساد تحت مسمى «نيابة مكافحة الفساد» لا تكون تابعة لهيئة مكافحة الفساد، بل تعتبر جزءا من «النيابة العامة»، بحيث تقوم بمهام وصلاحية النيابة، بما فيها تمثيل هيئة مكافحة الفساد أمام المحاكم الخاصة بصفتها ممثلا للنائب العام، بحيث إن نيابـة مكافحة الفساد لا تتصل بها دعوى فساد إلا بعد إحالة الملف لها بقرار من رئيس هيئة مكافحة الفساد، ويكون ذلك بعد أن تقوم هيئـة مكافحـة الفساد بالتحري حول البلاغات أو الشكاوى المقدمة لها، فإذا وجدت شبهات قوية تتم إحالة القضية من رئيس الهيئة إلى النيابة المتخصصة بمكافحة الفساد. وتعتبر النيابة المختصة الجهة الوحيدة المخولة بتحويل ملفات الفساد إلى المحكمة، وذلك بعد إجراء كافة التحقيقات، ويساعد وجود مثل هذه النيابة المنتدبة لدى هيئة مكافحة الفساد على ملاحقة ومساءلة كل مجرمي الفساد.

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2017/07/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد