آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
أيمن بدر كريم
عن الكاتب :
طبيب استشاري في أمراض الصدر واضطرابات النوم لدى الكبار، كاتب رأي في صحيفة المدينة السعودية مؤلف كتاب النوم رحمة

العـنف في الـمجتمع الوظيفي


أيمن بدر كريّم

من الملاحظ انتشار ثقافة العنف السلوكي واللفظي وحتى الجسدي في المجتمع السعودي بشكل عام، وتأثر عددٍ غير قليل من أفراد المجتمع به، وهو أمرٌ تناولْتُه في مقالات سابقة من حيث العوامل والمظاهر، وبعض الحلول المعلومة.

وليس المجتمع الوظيفي ببعيد عن سلوكيات العنف والقهْر الإنساني التي يتعرّض لها كثيرٌ من الموظفين بشكل تلقائي خلال يومهم الوظيفي، ومنها: ممارساتٌ مُمنهجة لتأخير حقوقهم وتجاهل مطالباتهم، والمماطلة في تحسين أوضاعهم بشكل متعمّد روتيني، وسياسة التمييز بينهم على معايير فاسدة، يُمارسها العديد من المديرين والرؤساء، الذين يفتحون الباب واسعاً لمزيد من التحزّبات والفساد الأخلاقي، والإهمال المهْني وحتى الاختلاسات في بعض الأحيان، في ظل قصور رقابة إدارية داخلية، قد تتورط معهم أحيانا في تمرير الظّلم وتنظيم الفساد، والتغطيةِ على قصور بعض المسؤولين.

ومن مظاهر العنف الوظيفي تجاه الموظف، عدم توفير موقفٍ مناسب لسيارته، وتركه يجرّب حظّه في الحصول على موقفٍ مناسب، ومنعه من لقاء المسؤول الكبير في مؤسسته بحجة انشغال المسؤول، وتركه «يتمرمط» بين الإدارات «يشحت» حقوقه ويستجدي مُستحقاته النظامية، إضافةً إلى تخويفه من مستقبله ومستقبل أولاده بعد تقاعده، نظراً للفتات من الراتب الذي يتبقّى له ولأهل بيته، هذا إن أطال الله في عمره، فضلا عن تكريس ثقافة المحسوبية في ذهنه بتوليةِ أصحاب الولاء والخضوع الشخصي، وتجاهلِ أهل الأمانة والقوة، وعدمِ توفير وسائل الراحة والإنتاج له والتأمين الطبي المُعتبر، وتجريدِه من عوامل نجاحه المهْني، ثم تحميله أسباب انخفاض أداء المؤسسة!!.

وأرى أن الفرض على الموظف بداية الدوام في وقتٍ مبكّر جدا من الصباح، وامتداد ساعات الدوام قريبا من 10 ساعات متواصلة، وتكليفه خارج دوام وأعمال ذات خطرٍ مرتفع دون بدل، وعدم احترام أوقاتٍ مخصصةٍ لراحته، ومنعه من الاسترخاء أو النوم لقيلولة قصيرة في جوّ مناسب هادئ، يُعد من مظاهر العنف الوظيفي ضده، والإمعان في إرهاقه بدنياً ونفسياً، والتأثير سلباً على أدائه ومزاجه.

لن أقترح هنا حلولاً مُحددةً لهذه المأساة الوظيفية، فهي واضحة بين سطور المقال، ومعلومةٌ يعرفها كل عاقلٍ لديه قليلُ اهتمامٍ بآدمية الموظّف، وحرصٌ على تنمية المجتمع الوظيفي السعودي، على أسس العدل والإنسانية.
    
صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/07/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد