آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

هل أرسل ترامب وزير خارجيته تيلرسون وسيطا في الأزمة الخليجية من أجل أن يفشل؟


 عبد الباري عطوان

دخول ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكي، وقبله بوريس جونسون، نظيره البريطاني، إلى الأزمة الخليجية يعني أن جميع الوساطات الأخرى وصلت إلى طريق مسدود، وأن “الحل” لم يعد خليجيا صرفا مثلما كانت تؤكد جميع الأطراف.

لا نعرف ما هي “الوصفة السحرية” التي يحملها وزير الخارجية الأمريكي في جولته التي تستمر أربعة أيام، مثلما لا نعرف أيضا لماذا انتظر شهرا كاملا للقيام بها، ولكن ما نعرفه جيدا أن الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها دونالد ترامب، لعبت دورا كبيرا في تأجيجها عندما اتهمت دولة قطر بدعم الإرهاب وتمويله على أعلى المستويات، وطالب الرئيس ترامب في أحد تغريداته بضرورة عقابها.

هناك عدة تفسيرات لهذا التلكؤ الأمريكي الذي استمر شهرا، واتسم بالمواقف المتناقضة بين الرئاسة ووزارتي الدفاع والخارجية، وأبرزها أن الإدارة الأمريكية أعطت الضوء الأخضر للتحالف الرباعي السعودي الإماراتي المصري البحريني لـ”تأديب” دولة قطر، وتركيعها، وربما تغيير نظامها أيضا في نهاية المطاف، ولكن هذه الدول، لم تنتهز الفرصة وتترجم تهديداتها تحركات عسكرية على الأرض، واعتقدت أن قطع العلاقات وفرض الحصار الجوي والبري والبحري كفيل بإجبار قطر على التراجع وقبول المطالب الثلاث عشر، وتبين أن هذا الاعتقاد في غير محله.
***
ما يدفعنا إلى ترجيح هذه النظرية المتداولة في أوساط غربية بقوة، أن وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قال إن مسارعة تركيا بإرسال قوات ومعدات عسكرية إلى الدوحة لعب دورا كبيرا في منع تدخل عسكري كان في طور الإعداد.

التحالف الرباعي اسقط مطالبه الـ13 بعد انتهاء المهلتين، الطويلة والقصيرة، وقال إنها لم تعد مطروحة على طاولة البحث، أو حتى التنفيذ بسبب الرد السلبي القطري عليها، مما يعني أن العمر الافتراضي للوساطة الكويتية انتهى رسميا، وأن الأزمة تقف الآن على حافة تطورات تصعيدية جديدة، اقتصادية وربما عسكرية، إلا إذا تراجع أحد المعسكرين عن شروطه، ولا يلوح في الأفق أي مؤشر في هذا الإطار.

وزير الخارجية القطري أكد اليوم مجددا مواقف قطر التي عبرت عنها منذ بداية الأزمة، عندما قال “إن بلاده لن تمتثل لأي مطلب ينتهك القانون الدولي، أو لأي إجراء يقتصر عليها وحدها، داعيا إلى حل يشمل الجميع″، والأكثر من ذلك إقدامه على إلقاء “كرة الإرهاب” في ملعب الخصم عندما قال “على السعودية والإمارات إلا تعطينا دروسا لأن لديهم مواطنين متهمين بالتورط في الإرهاب وتمويله”.

الدكتور أنور قرقاش الذي لمع نجمه في هذه الأزمة من كثرة تغريداته وأحاديثه الصحافية، وأصبح على غرار اللواء أحمد عسيري المتحدث باسم “عاصفة الحزم”، في التعاطي مع وسائل الإعلام، الدكتور قرقاش أغلق الباب في وجه الوساطتين البريطانية والأمريكية عندما قال في تغريدات جديدة اليوم “لن ينجح أي جهد دبلوماسي أو وساطة خيّرة، دون عقلانية، ونضج وواقعية من الدوحة”، وأضاف “الاختباء خلف مفردات السيادة والإنكار يطيل عمر الأزمة ولا يقصرها”.
***
في ظل هذه التصريحات “الاستفزازية” من الجانبين تبدو فرص الوساطات الغربية محدودة، أن لم تكن معدومة، مما يعني أن جهود الوزير تيلرسون لن تكون أفضل حالا من وساطة الشيخ صباح الأحمد، أمير الكويت، الرجل الموصوف بالحكمة من جميع الأطراف، فإذا كان القطريون أو خصومهم يريدون تقديم تنازلات فعلا، فأنهم كانوا سيقدمونها إلى أمير الكويت الذي يخاطبه الخليجيون كرب الأسرة الخليجية.

من منطلق خبرتنا ومتابعتنا للسياسات والتحركات الخليجية، يمكن توقع “هدنة” غير معلنه من قبل المعسكر المضاد لقطر، من حيث عدم الإقدام على أي خطوات عملية تصعيدية، مثل تشديد العقوبات الاقتصادية، وتجميد عضوية قطر في مجلس التعاون، وإقامة قاعدة عسكرية للقوات المصرية في البحرين، وحشد قوات “درع الجزيرة”، انتظارا لانتهاء الوساطة الأمريكية، وتجنبا لإحراج إدارة ترامب.

لا نستغرب، بل لا نستبعد أيضا، أن يكون الرئيس ترامب أرسل وزير خارجيته في جولته المكوكية من أجل أن يفشل، لا أن ينجح، بما يبرر الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الأزمة، أي مرحلة تغيير النظام التي عبر عنها أكثر من مسؤول قطري، من بينهم وزير الخارجية نفسه، وقالوا إنهم مستعدون للدفاع عن بلدهم وسيادتهم.

هل نحن نعيش مرحلة السكون التي قد تسبق “عاصفة حزم” ثانية، ولكن في البيت الخليجي نفسه، وضد أحد أركانه؟

سننتظر حتى تنتهي وساطة تيرلسون، ويقفل عائدا إلى واشنطن، للإجابة على هذا السؤال المشروع.. وحينها لكل حادث حديث.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/07/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد