آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

ترامب يطرح “قاعدة العيديد” في المزاد العلني..

 

عبد الباري عطوان

نحمد الله أن الرئيس الامريكي دونالد ترامب لا يتوقف عن “الثرثرة”، ويدلي بين الحين الآخر بأحاديث وتصريحات صحافية، أو ينشر تغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي، و”التويتر” خاصة، تكشف لنا الكثير من المواقف والأسرار عن كيفية تعاطيه مع شعوبنا وقضايانا أولا، وعن تضارب الآراء داخل إدارته ومؤسساتها المتعددة حول العديد من أزمات المنطقة، والقطرية منها خاصة ثانيا.

 

الرئيس ترامب أدلى اليوم بحديث مطول إلى أحد المذيعين في محطة “سي بي ان” الأمريكية، تناول فيه جولة وزير خارجيته ريكس تيلرسون التي استمرت أربعة أيام في محاولة للوساطة بين قطر من ناحية، والتحالف الرباعي السعودي الإماراتي البحريني المصري من ناحية أخرى، كما تحدث أيضا عن أسباب اختياره الرياض كمحطة أولى في أول زيارة خارجية له بعد توليه منصبه.

 

هناك نقطتان على درجة كبيرة من الخطورة وردتا في هذا الحديث لا بد من التوقف عندهما لفهم كيفية “احتقار” هذا الرجل للعرب، وتلاعبه بهم، وحلب أموالهم:

 

الأولى: تفاخره في المقابلة نفسها أنه اشترط على السلطات السعودية دفع مئات المليارات من الدولارات على شكل صفقات أسلحة واستثمارات في الولايات المتحدة، مقابل تلبية دعوتهم بزيارة الرياض كمحطة أولى، وعندما قبلوا هذا الشرط شد الرحال إلى العاصمة السعودية، ومعه الجميلتين ابنته إيفانكا التي سحرت الألباب، وزوجته ميلانيا، علاوة على صهره جاريد كونشر، صديق رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

 

الثانية: أن هناك عشر دول مستعدة لاستضافة قاعدة العيديد الجوية الأمريكية في قطر، ودفع جميع نفقات نقلها، وتكاليف تشغيلها، وهي تقدر بالمليارات، في حال تقرر نقلها إلى خارج قطر.

***

ما أراد الرئيس ترامب قوله، وبكل وضوح، أنه لم يذهب إلى الرياض بسبب مكانتها الدينية، وثقلها السياسي الإقليمي والدولي، وإنما من أجل المال فقط، وكان له ما أراد، وعبر عن ذلك بتفاخره بعد وصوله إلى واشنطن، بأنه عاد وجعبته طافحة بمليارات الدولارات، مما يعني الكثير من الوظائف للأمريكيين العاطلين عن العمل.

 

أما بالنسبة إلى قاعدة العيديد الجوية، فأن هناك دولتين فقط، وليس عشر دول يمكن أن ترحب باستضافة قاعدة العيديد في حال نقلها من قطر، الأولى هي المملكة العربية السعودية، التي طلبت خروج هذه القاعدة من أراضيها رضوخا لتهديدات تنظيم “القاعدة”، وزعيمه أسامة بن لادن في حينها، ودولة الإمارات العربية المتحدة، لأنهما وبكل بساطة أبرز عضوين في التحالف الرباعي المعارض لقطر، وهما الوحيدتان القادرتان على دفع تكاليف هذه القاعدة، لما يملكانه من قدرات مالية.

 

ترامب، وباختصار شديد يطرح هذه “القاعدة” في المزاد العلني، ويتطلع لأعلى سعر، ابتداء من الدولة المضيفة، قطر، التي يريد “حصة دسمة” من صندوقها السيادي الذي يحتوي على 320 مليار دولار، مقابل بقاء القاعدة على أراضيها، أو من خصومها في الرياض وأبو ظبي، والصندوق السيادي للأخيرة يحتوي على أكثر من 900 مليار دولار، أن لم يكن أكثر.

 

لا نعرف من سيدفع الثمن الأعلى في هذا المزاد، ولكننا نعرف حتما أن الرئيس ترامب سيواصل عملية ابتزازه لدول الخليج طالما استمر في تربعه على عرش السلطة في البيت الأبيض.

***

ربما لا نبالغ إذا قلنا أن جميع هذه التناقضات في مواقف كل من ترامب ووزير خارجيته تيلرسون، أو وزير دفاعه ماتيس، تجاه الأزمة الخليجية “مجرد مسرحية” تصب في مخطط الابتزاز للعرب الخليجيين الذي تمارسه الإدارة الحالية، وأن هؤلاء مجموعة من الممثلين تتبادل الأدوار، فتيلرسون، وزير الخارجية، ينحاز إلى قطر ويوقع معها اتفاقية لوقف دعم الإرهاب، ويقول أن ردها الرافض للشروط الـ13 التي تقدم بها خصومها “منطقي”، أما ترامب فيصر في حديثه التلفزيوني نفسه “أنه تمت مراجعة العلاقات مع قطر لأن قيادتها كانت معروفة كجهة ممولة للإرهاب، ونحن قلنا لهم لا يمكنكم فعل ذلك”، وأضاف “علينا أن نجوع الوحش (الإرهاب) حتى الموت وليس من الممكن أن نسمح بدول غنية تغذي هذا الوحش”.

 

الرئيس ترامب لا يريد تجويع وحش الإرهاب، لأن دولته هي التي خلقته، وعملت على تسمينه، وما زالت، وإنما يريد تجويع الشعوب الخليجية، ونهب أموالها تحت غطاء هذه الذريعة، والعملية لا تزيد عن كونها “ضحك على الذقون”، ذقوننا كعرب طبعا.

 

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/07/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد