آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

يا أهل الرّباط في قُدسنا المُتحدّية.. أعدتم إلينا العزّة والكرامة والثّقة.. يُريدونها حربًا دينية.. أهلًا وسهلًا..


 عبد الباري عطوان

يُثبت المُرابطون الشّرفاء في القُدس المُحتلّة يومًا بعد يوم أنّهم الضّمانة الأقوى للحفاظ على عُروبة المدينة المُقدّسة ومساجدها وكنائسها، واصطفاهم الخالق جلّ وعلا لهذه المُهمّة لأنّه يعرف جيّدًا أنّهم أهلٌ لها في زمن الانكسار والخُذلان وعربدة الصهيوني المُتغطّرس.

يَزحفون بعشرات، بل ومئات آلاف، من كُلّ صوبٍ نحو المسجد الأقصى لفك أسره، وكسر حِصاره، حاملين أرواحهم على أكفّهم، طالبين الشّهادة، رافضين الخُنوع للإملاءات الإسرائيلية، مُؤكّدين وبأعلى صوت، ومع كل آذان أن للبيت شعبًا يحميه ويستحقّه.

إنه تحدّي الكف المُؤمن للمخرز الباطل، إنّه تصدّي أهل الرّباط للمُحتل المُتغطّرس، إنّها مُواجهة بين من يتطلّعون إلى الشهادة ويتمنونها، وبين من يُريدون تهويد المُقدّسات بقوّة السّلاح وتواطؤ أنظمة عربية خانعة ذليلة.

القُدس مدينة عربية إسلامية، مثل كل الأراضي الفلسطينية المُقدّسة، وستظل كذلك، ببطولة أبنائها البررة وتضحياتهم التي لم ولن تتوقّف، فلا مكان ولا شرعية ولا سيادة لليهود في هذه المدينة، هذا ما تقوله الكُتب السّماوية، وهذا ما تُؤكّده منظمة اليونسكو العلمانية.
***
عندما يُعلن الشيخ محمد حسين، المُفتي العام للقدس والدّيار الفلسطينية، النّفير لنُصرة المدينة المُقدّسة، ويحث جميع المُصلّين في أرض الرّباط لشد الرّحال إلى مسجدها الأقصى لصلاة الجمعة فيه، دون المُرور عبر البوابات الإلكترونية الإسرائيلية، وإذا تعذّر ذلك فالصّلاة أمام أبوابه، فإنّ هذا عمل الرّجال الرّجال وإرادة الشجعان القديسين.

تُريدها إسرائيل حربًا دينية، أهلًا وسهلًا، وهي حرب لن تربحها مُطلقًا، وستخسرها مثلما خسر يهودها كل الحُروب السّابقة، وكُتب التاريخ حافلةٌ بالكثير من الأمثلة والدّورس المُلهمة، لأحفاد الرّسول، صلى الله عليه وسلم، وخُلفائه الرّاشدين وصحابته، رضى الله عنهم جميعًا.

فإذا كان العُدوان على غزّة وحّد العرب والمُسلمين جميعًا، وجعلهم يضعون خلافاتهم جانبًا، فكيف سيكون حال مليار ونصف المليار مُسلم إذا تعرّضت قبلتهم الأولى، وثالث حرميهم للتقسيم، أو التهويد، أو الاثنين معًا؟

أهل الرّباط ليسوا مثل حُكّام الاستسلام الرّاكعين تحت أقدام نتنياهو، والزّاحفين لنيل رضا دونالد ترامب، والناثرين مئات المليارات من الدولارات، وهي أموال الأمّة، في هذا المِضمار، أهل الرّباط ومعهم كل الشّرفاء المُقاومين في العالم الإسلامي، لا يُمكن أن يهادنوا الاحتلال، ويعتبرونه “صديقًا”، لأنّهم عاهدوا الله، وحافظوا على العهد، ولن يُغيّروا، ولن يتهاونوا، ولن يركعوا لغيره مهما حلّ بهم من أذى، سائرين على درب المُؤمنين الأوائل، وما بدّلوا تبديلا.

تابعنا كل الأحاديث والتصريحات الصحافية التي أدلى بها أئمّة المسجد الأقصى، ولم نر غير الشّموخ والكرامة والثّقة بالنفس، والتحدّي في أقوى صُوره وأشكاله.. لم نسمع إمامًا واحدًا يستنجد بالقادة العرب الذين يهرعون للصّلاة خلف إمامهم ترامب، زرافات ووحدانا.. لم نسمع مُصلّيًا واحدًا طِفلًا أو شابًّا أو كهلًا، يُدنّس لسانه بذكر الجيوش العربية وقادتها المُتكرّشين الذين لا يُقاتلون، ويَقتلون غير الجوعى الفقراء العُزّل الصابرين الصامدين في اليمن الشقيق.
***
من القُدس ستنطلق انتفاضة الصّحوة العربية والإسلامية، التي ستُطهّر الأمّة من كل ما لحق بها من أدران وزبد وفساد وعفن، ومن مآذنها سينطلق التكبير الإيماني الحقيقي، بأعلى أصوات مُؤذّنيه وأجملها وأنقاها وأطهرها.

إنّها لحظات تاريخية إيمانية فارقة، لحظات الفرز بين الجهاد الحقيقي والجهاد المُزوّر، بين أهل الحق وعبدة الباطل، بين الدّعاة النّبلاء المُؤمنين، ووعّاظ السّلاطين وفتاواهم المُفصلة على مقاسات الحُكّام الظّلمة.

يا أهل الرّباط، يا أهل الإيمان، يا أهل الشّرف والكرامة، أعدتم إلينا الأمل والعزّة، فشُكرًا لكم، ولله درّكم.

الشّكر مُوصولٌ أيضًا للشّهداء “الجبّارين” الثلاثة، أبناء “أم الفحم”، ذات التّاريخ الحافل في المُقاومة والتّصدّي ومظالمه، الذين قالوا “لا” كبيرة للاحتلال ومُؤامراته ومُخطّطاته لتهويد قِبلتهم المُقدّسة، وأثبتوا فِعلًا مثل جميع من سبقهم من الشّهداء، أنّهم ينتمون إلى شعب المُرابطين الجبابرة.

لا استسلام على هذه الأرض، ولا سلام إلا بنهاية الاحتلال لكُل الأرض الفِلسطينية دون استثناء.. والأيام بيننا.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/07/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد