آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
حمد عبد الله اللحيدان
عن الكاتب :
كاتب وأديب سعودى يكتب فى صحيفة الرياض

هيئة عليا لمكافحة التصحر


د. حمد عبد الله اللحيدان

يعتبر التصحر مشكلة تعاني منها العديد من الدول في كافة أنحاء العالم وهذا ناتج عن تناقص قدرة الأرض على الإنتاج الحيوي وتدهور خصوبتها بمعدل يجعلها تتحول تدريجيا إلى صحراء والتصحر قد يكون خفيفا أو معتدلا أو شديدا أو شديدا جدا ولعل أهم الأسباب في ذلك تكمن في الاستغلال المفرط للأراضي مما يسبب استنزاف التربة يلي ذلك إزالة الغطاء النباتي الذي يعمل على تماسك التربة بسبب الاحتطاب والرعي الجائر والتمدد العمراني ناهيك عن زحف الرمال الناتجة عن العواصف الرملية وقبل ذلك وبعده غياب الأنظمة والقوانين التي تشجع على المحافظة على البيئة وتعاقب من يلحق ضرر بها بأية طريقة أو وسيلة أو أسلوب كان .

والجدير بالذكر أن (30%) من سطح الأرض الخصبة على مستوى العالم يتعرض للتصحر والصين تعتبر أشد البلدان تعرضا لآفة التصحر حيث أصبحت العواصف الرملية تهدد بابتلاع بعض القرى في الشمال الصيني بسبب زحف الرمال بمعدل 20م في العام بسبب إزالة الغابات والرعي الجائر. وللحد من تلك المشكلة تقود الحكومة الصينية حملة قومية لتشجير الصحراء لإعادة تماسك الرمال المتحركة وذلك جنبا إلى جنب مع منع إزالة الغابات والاحتطاب والرعي الجائر وذلك للحد التصحر.

نعم يعد التصحر من أخطر المشكلات التي تواجه العالم ولهذا خصصت الأمم المتحدة يوم 17 يونيو من كل عام يوما عالميا ضد التصحر والجفاف. وذلك كوسيلة توعية بمخاطر التصحر لأنه يفقد العالم 10 ملايين هكتار من الأراضي سنويا كما أن التصحر يكلف العالم أكثر من 42 مليار دولار سنويا مع أن نصف هذا المبلغ كفيل بالصرف على الأنشطة المضادة للتصحر من وقاية وإعادة تأهيل للأراضي .

وإذا رجعنا إلى مشكلة الجفاف والتصحر في المملكة نجد أنها من أكبر المشاكل التي تحتاج إلى حل جذري من خلال الوقاية وإعادة التأهيل وهذا يعني الاهتمام بزيادة المساحات الخضراء داخل وخارج المدن لما له من انعكاسات بيئية واقتصادية واجتماعية كبرى وذلك عن طريق:

التوسع في إنشاء الحدائق والمتنزهات على مسطحات كبيرة جدا بالإضافة إلى العمل على إعادة الغطاء الأخضر إلى الأودية القريبة من المدن في كافة أنحاء المملكة وذلك من خلال قيام البلديات بإنشاء مشاتل للنباتات البرية المناسبة ثم إعادة زراعتها في مواطنها المناسبة في الوقت المناسب من العام بحيث تتم رعايتها حتى تصل مثيلاتها من النباتات البرية ويساعد على ذلك العمل التطوعي لطلبة المدارس الثانوية والجامعات في الموسم المحدد للغرس خصوصا أن فكرة مشاتل النباتات البرية قد نجحت في عدد من المناطق وفي مقدمتها مشتل عنيزة للنباتات البرية مما يعني أن تلك الشتلات أصبحت في متناول اليد . ومما يسهل ذلك إنشاء خزانات مياه على طول الأودية تجمع فيها مياه الأمطار لاستخدامها في الري .

العمل على إقامة سياج من النباتات البرية المناسبة مثل أشجار الأثل والطلح وغيرها كمصدات للرمال وذلك بمحاذاة الطرق البرية السريعة وعلى جانبي السكك الحديدية وذلك لحماية تلك الطرق من زحف الرمال وتجميل الطرق والحد من المنظر الصحراوي الكئب ناهيك عن توفير ملاذ للكائنات الفطرية وتوفير ظل لمن تعطل في الطريق أو يريد الاستراحة من عناء السفر خصوصا أن المسافات طويلة جدا.

إن إنشاء هيئة عليا لمحاربة التصحر وإعادة الغطاء النباتي إلى جميع أنحاء المملكة يعتبر ذا أهمية بيئية واقتصادية واجتماعية بالغة وهو يصب في خانة ما أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض، حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحدا يقبلها منه، وحتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا) رواه مسلم. والله المستعان

صحيفة الرياض

أضيف بتاريخ :2017/07/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد