آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عادل السعيد
عن الكاتب :
ناشط حقوقي، عضو في المنظمة الأوروبية لحقوق الأنسان

محور الممانعة الجديد: المال القطري وتركيا وإيران ممثلا الإسلام الأكبران

 

عادل مرزوق

بعد حرب طاحنة على الأراضي السورية بالوكالة واستنزاف كبير لمواردها في سبيل خلق توازن جديد للقوى في المنطقة، تبدو فرصة عودة تحالف الممانعة إلى صيغة عام 2006- 2008 (إيران/ تركيا/ قطر/ سورية/ العراق/ حزب الله (لبنان)/ حركة حماس (فلسطين)/ الحوثيون (اليمن)) كبيرة.

وإذ تستمر روئ ووجهات نظر هذه العواصم متباينة من ملف الى آخر، خصوصاً في الملفين السوري والعراقي إلا أن ما يجمعها في خضم المتغيرات الإقليمية والدولية في المنطقة أكثر. تحديات عدة جديرة بالمراهنة على أن من شأن إعادة بعث هذا التحالف من جديد كفيل بضمان تموضع أفضل للأطراف كلها. تحالف لا ينقصه المال (قطر) ويجمع أكبر قوتين إسلاميتين في المنطقة (تركيا وإيران)، سواء على مستوى التعداد السكاني أو القدرتين العسكرية والانتاجية.

إيران التي لم تخذل الحليفين السابقين قطر وتركيا سواء في انقلاب تركيا 2016 أو أزمة دول الخليج 2017، سارعت لتكون في واجهة الدول المساهمة في تخفيف الحصار الدبلوماسي والاقتصادي والجوي المفروض على الدوحة منذ 5 يونيو 2017. قبل ذلك، كانت طهران في موقف وتوقيت لافت أول عاصمة إسلامية تندد بالانقلاب العسكري في تركيا منذ ساعاته الأولى.

المودة الإيرانية تجاه الدوحة وأنقرة لم تكن طارئة، فقطر أيضاً حين قررت مع نهاية العام 2014 الانسحاب من صدارة الملف السوري وتسليمه إلى السعودية، كانت قد بدأت مبكراً إعادة اتصالاتها مع طهران وحزب الله تحت عنوان حل أزمة الصيادين القطريين المحتجزين لدى فصيل شيعي في العراق. وهو ما حدث فعلاً، تسوية تضمنت الإفراج عن الصيادين اعتبرتها دول الحصار إعادة لتشبيك العلاقات بين قطر وحزب الله اللبناني، ودعماً للحشد الشعبي في العراق من خلال فدية مالية لم تدفع بحسب تأكيد الحكومتين القطرية والعراقية.

في 7 يونيو الفائت، بعد يومين من بدء أزمة دول الخليج زار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنقرة (في زيارة غير مجدولة) والتقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وناقش معه الأزمة الخليجية. الرسالة الإيرانية كانت واضحة، على تركيا أن تتحرك في اتجاه دعم حليفها القطري عبر توقيع اتفاقية الدفاع المشترك فالخيار العسكري في الأزمة ليس مستبعداً. الوزير الإيراني أكد دعم بلاده للدوحة واستعدادها تعويض الاحتياجات الغذائية من 3 موانئ إيرانية على الخليج العربي. الأكثر من ذلك، وفيما كانت الخارجية القطرية تعمل جاهدة في أوروبا والولايات المتحدة لشحذ التأييد للموقف القطري كانت طهران تحرك دبلوماسيتها لصالح الدوحة في زيارات مكوكية لظريف في 12 يونيو الماضي شملت دولاً عربية وإسلامية.

على الجانب الآخر، لا يبدو أن التحالف السعودي الإماراتي يحقق مكاسب كبيرة منذ نجاحه الساحق في مصر 2013، حين استطاع إزاحة الإخوان المسلمين (حليف قطر) من الحكم وإعادة المؤسسة العسكرية إلى الإمساك بالدولة المصرية وضم القاهرة إلى التحالف الإماراتي السعودي. فعلياً، التحالف لم يستطع الإطاحة بالنهضة في تونس، أو إحداث اختراقات كبيرة في الملف الليبي، فشل في اليمن، ولا يزال الحصار المفروض على قطر متواضع النتائج. يضاف لذلك، لا تبدو مصر حليفاً حقيقياً في المجموعة، إذ تلكأت عن المشاركة في حرب اليمن ولديها رؤية مغايرة تبدو داعمة -على استحياء- لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وقبالة هذا التحالف الذي يركز هجماته على المحور القطري–التركي لا يبدو أن أمام الدوحة وأنقرة سوى الاستعانة وربما الاندماج -في توقيت ما- مع تحالف دول الممانعة. هذه الأجواء لا تبتعد كثيراً عن أجواء انعقاد (قمة غزة الطارئة) في العاصمة القطرية الدوحة مطلع العام 2009. وقتئذ، تمايز الموقف المصري والسعودية ضد التحركات القطرية وقاطعت الدولتان قمة الدوحة التي شهدت مشاركة رفيعة لتركيا وإيران، إذ مثل الأخيرة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد.

قبل ذلك بعامين، كانت صور أمير قطر تغزو الجنوب اللبناني بعد حرب تموز 2006 على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، إذ تكفلت الدوحة حينها باعادة إعمار وترميم أكثر من 12,000 وحدة سكنية، وإعمار مرافق عدة في 195 قرية جنوبية: 48 كنيسة وديراً؛ 208 حسينيات؛ 303 مساجد؛ 3 خلوات؛ 27 مجمعاً وحوزة دينية؛ 18 مقاماً دينياً؛ 39 مدرسة؛ سوق بنت جبيل بكلفة 3 ملايين دولار.

الاجتماع الذي شهدته العاصمة الإيرانية، طهران، بين إيران وقطر وتركيا مؤخراً، والذي ناقش بحسب وكالة “تسنيم” الإيرانية شبه الرسمية للأنباء، سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين طهران وأنقرة والدوحة بما يشمل نقل السلع التركية إلى قطر عبر الأراضي الإيرانية. يعزز من فرص تشبيك المصالح بين الدول الرئيسية الثلاث في تحالف 2008.

لا شك في أن عودة هذا التحالف إلى الواجهة من جديد في هذا التوقيت معطيات عدة، أهمها أن تحالف (الإمارات – السعودية – مصر – البحرين) سيكون أمام واقع جديد في

المنطقة، أمام تحالف نافذ القوة، ممتد الجغرافيا. والأهم من ذلك، أنه تحالف فوق الثنائيات التاريخية في المنطقة، بمعنى أنه تحالف عابر لحروب الطوائف، وصراع القوميات.

البيت الخليجي للدراسات والنشر

أضيف بتاريخ :2017/08/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد