آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي القاسمي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

المادة 77


علي القاسمي

من المواد التي أصبحت الذاكرة المحلية تحفظها - على أقل تقدير رقماً - هي المادة الـ77 من نظام العمل، ونصها: «ما لم يتضمن العقد تعويضاً محدداً مقابل إنهائه من أحد الطرفين لسبب غير مشروع، يستحق الطرف المتضرر من إنهاء العقد تعويضاً بمقدار أجر 15 يوماً عن كل سنة من سنوات خدمة العامل، إذا كان العقد غير محدد المدة، وأجر المدة المتبقية إذا كان العقد محدد المدة، ويجب ألا يقل التعويض في هذه المادة عن أجر العامل مدة شهرين». هذه المادة النظامية أخذت شداً وجذباً، ودار حولها عراك متذبذب لا يمكن إنكاره، وفي الوقت ذاته لا ينبغي تجاهله. جل المتحمسين لإعادة بحث ونقاش وصياغة المادة المطاطية بطريقة أكثر ملاءمة يرون أنها ساهمت في قطع رزق عدد من المواطنين في القطاع الخاص، والاستغناء عن خدماتهم، ومن منطلق «عض قلبي ولا تعض رغيفي» ذاع صيت هذه المادة وحازت سبق الشهرة والتداول. كل ما هو مطلوب شيء من الحماسة والجدية لـ «فك الغموض» المصاحب لمن يجد في أسطر نظام دفعة مشجعة لصاحب العضلات الأقوى في علاقة عمل، ومن هو مقتنع بأن ثمة خيبات فصل تعسفي وراء نص نظامي كالذي تسافر به المادة الـ77 من نظام العمل.

وزارة العمل أكدت في زمن فائت أنه لم يثبت لها حدوث فصل تعسفي على كتفَي المادة النظامية الشهيرة، لكن القانونيين يتحدثون بقوة عن أن هذه المادة لا تتفق مطلقاً مع رؤية التوطين، وتجعل الأمان الوظيفي للمواطن السعودي في القطاع الخاص أماناً مرتعشاً على طول الخط، وهذان السببان كافيان جداً لأن تعاد صياغة المادة بما يخدم أطراف العلاقة التعاقدية. الحديث عن السعودة والتوطين والأمان الوظيفي حديث متشعب وشائك، ويجدر بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية الوقوف على أية مادة شائكة أو تجلب لها الصداع المستمر أو الموقت، ولها أن تستعين بالخبراء والأصوات التي تقول كلاماً مهماً ومربكاً في هذا الجانب، أو تسلط الضوء على مساحات تتعارض مع ما يمضي له مستقبل التخطيط وأفق الرؤية، ومن دون شك لا يمكن أن تنجح معادلة توليد الوظائف في القطاع الخاص ومرونة الفصل على طريقة «أدفع القليل وأتخلص من الكثير».

مر وقت ثمين في أحضان الجمل طيبة الذكر «لن نسمح» و «لم يثبت» و «نحذر» و «نفكر»، لكن الوقت مناسب جداً للمضي نحو عمل أكثر جدية يتجه إلى التعديل والتغيير وحماية الحقوق من بوابة النص النظامي، وهي البوابة التي فتحت عن حسن نية، لكن حسن النيات وحده لا يكفي لمعالجة صراعات وأوجاع وجراح كانت تقف وراءها، ولو من زاوية الغموض واللبس، مادة نظامية لا تخوننا قدراتنا وإمكاناتنا وتطلعاتنا لتطعيمها بما هو أنسب وأحسن، ومجلس الشورى الآن، وكما هو معلن، يدرس إجراء تعديلات على نظام العمل، بما فيه درس المادة الشائكة قطعاً، الدعوات للدراسة وللمجلس بصفحات جديدة ونصوص أجمل.

صحيفة الحياة

أضيف بتاريخ :2017/08/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد