آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
بسام أبو شريف
عن الكاتب :
أحد المستشارين السابقين للراحل ياسر عرفات . وهو من مؤسسين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . صاحب وثيقة أبو شريف حول السلام .

ما هي علاقة مخطط ترامب بما يجري في ادلب

 

بسام ابو شريف

الساحة السورية تشهد معارك جارية يحقق فيها الجيش العربي السوري إنجازات تعجز عنها جيوش الدول العظمى، وذلك بدعم واسناد ومشاركة حلفاء سوريا، وعلى رأسهم إيران وحزب الله وقوات فلسطينية.

وتتابع وسائل الإعلام ” كل حسب ميولها وولاءاتها ”، هذه الإنجازات بفرحة أو بنبرة حزن وحقد للمتربصين بسوريا وفلسطين وأمتنا العربية، وتبرز هنا وعلى مشارف البوكمال عقبتان متناميتان بسرعة: الأولى الدور الأمريكي واستراتيجية واشنطن الأمبريالية، ومحاولات تركيا جني مكاسب غير شرعية وغير قانونية واستعمارية الطابع في شمال سوريا بدءا من ادلب، فالولايات المتحدة كشفت على طريقة ترامب وأسلوبه أن مخططها يقضي بالبقاء بسوريا تحت ستار تنظيم هلامي لا قوة  له ولا تأثير حتى في الوسط الكردي، ولم تخف الولايات المتحدة أن هدفها هو تحصيل تنازلات من الحكومة السورية لصالح أتباعها والسيطرة على نفط وغاز سوريا الذي تنتجه آبار وحقول الشمال الشرقي لسوريا، ورغم أن استفتاء صديق إسرائيل البرزاني لم يتمكن من السير على قدمين فان مطامع واشنطن تتمحور حول ”سيطرتها على آبار شمال العراق ( عبر الأكراد ) وشمال شرق سوريا ( عبر الأكراد )”.

و لايعلم السيد ترامب أن حسابات واشنطن خاطئة بدءا من عدم معرفتها بموقف الأغلبية من (الأقلية الكردية) في العراق وسوريا، فالأغلبية ترى في وضعها ضمن إطار وحدة العراق ووحدة سوريا أرضا وشعبا وضعا مرغوبا أكثر من الانفصال على يد أمريكا وإسرائيل .

لكن الولايات المتحدة زجت وتزج وستزج أكثر قواتها بشكل مباشر لتحقيق مآربها وهنا أيضا تخطئ واشنطن، يخطئ العنصري ترامب في حساباته. فلا شك أن ما قاله كل من تيليرسون” وزير خارجية ترامب”  وماتيس ”وزير دفاع ترامب”، أمام الكونغرس يشكل عودة مجازفة للحرب الباردة وسياسات الإمبريالية القديمة بالاحتلال المباشر لأراضي الغير بالقوة ” كما فعلت واشنطن في فيتنام سابقا”، قال الوزيران للكونغرس كلاما خطيرا، فقد طالبا بالا يجدد الكونغرس المدى الزمني أو التحديد الجغرافي لصلاحية الإدارة في إعلان وشن الحروب !!! ، وطالبا بعدم الغاء قرارات الكونغرس التي منحت الصلاحيات الخطيرة لسيد البيت الأبيض في العام 2003 و2010 ، وهذا يعني إعطاء ترامب صلاحيات شن الحروب دون سقف زمني أو موقع جغرافي وبشكل مفتوح ؟! وقد يجر هذا الأمر العالم إلى حرب كبرى، وقد يضع أوروبا ذاتها تحت سياط ترامب .

لكن من المؤكد أن المقصود هنا إيران وحلفاء إيران وكل القوى التي تقاوم سياسة واشنطن الاستعمارية التي ترفض الانصياع لأوامر ترامب، وهذا هو بالضبط ما أوصت به حكومة إسرائيل والمشرفين عليها من خارجها للسيد ترامب منذ حملته الانتخابية، نورد هذا ليس لعدم إيماننا بأن ترامب سوف يهزم، بل لنضع تحت المجهر حقيقة قد لا يراها البعض، ترامب طرح عبر كوشنر ومبعوثيه استراتيجية للشرق الأوسط تقوم على أساس هيمنة الولايات المتحدة وحليفتها الإمبريالية الصهيونية على كامل المنطقة وثرواتها، وهذا حسبما رسم مستشارو ترامب يتطلب: أولا وقبل كل شيء التصدي لإيران بحزم وقوة وعنف وذلك لخلخلة التماسك والتنامي والنجاح الذي تحقق خلال السنوات القليلة الماضية بين إيران واستراتيجيتها الثورية وبين قوى المقاومة في العالم العربي خاصة في فلسطين، وفلسطين هي الحرف الأول والأخير وهي المفتاح وهي الفصل، وهي التي تحرك العالم العربي رغم مواقف الأنظمة !! ( وهذا هو بالضبط ما تريده إسرائيل – أي أن تتحول إيران إلى عدو للعرب بدلا من إسرائيل، وأن تقوم الولايات المتحدة بشن الحرب على إيران والمقاومة العربية في كل مكان).

  وتقوم إسرائيل خلال هذه العملية بابتلاع ومصادرة واستيطان أرض الضفة الغربية بحيث لا يتبقى سوى جزر صغيرة معزولة في رام الله ونابلس والخليل وغيرها من المدن الكبيرة تلحق بالأردن الذي تربطه معاهدة سلام مع إسرائيل، وتجني إسرائيل من صفقة ترامب دخولا استعماريا واسعا نحو الخليج والجزيرة، وتهيمن هي وروتشيلد على البنوك المركزية في هذه الدول، وتأخذ نصيبها من عائدان النفط على شكل أتاوات لحماية هذه الأنظمة الخاضعة للولايات المتحدة ، فالولايات المتحدة تعين من تريد وتخلع من تريد من هؤلاء الحكام الذين عينتهم سابقا ”بريطانيا العظمى”، مانحة الصهاينة وعد بلفور.

مخطط الولايات المتحدة وإسرائيل ينص على لجم الجيش العراقي بإبقاء القوات الأمريكية في العراق واللعب بفتيل كردستان والابقاء على عمليات تفجير وهجمات ( بدعمهم وتأييدهم لفلول من داعش اتفقت معهم الولايات المتحدة المسؤولة عن ولادة داعش)، وذلك لمنع أي اتصال أو تنسيق أو تعاون بين الجيشين العراقي والسوري، الشيء الذي ترتعد منه إسرائيل وكذلك الأمر بالنسبة لسوريا، ملفت للنظر جدا آخر تصريح رسمي لوزير دفاع الولايات المتحدة ماتيس حول سوريا  لقد قال أمام الكونغرس: ”سوف تنتصر قواتنا في سوريا لدعم منظمة سوريا الديمقراطية، وطالما أن داعش مازالت موجودة ؟؟!!” ، يفهم من الكلام الكثير والكثير ، لكن سنركز على ”طالما بقيت داعش موجودة ” !! ، فالولايات المتحدة لا تعتبر النصرة عدوا كما تعلن زورا وبهتانا أن داعش عدوتها قد يكون الأصح هو أن جناحا في داعش فقط هو عدو واشنطن أما الباقي فقد أنشأتهم ورعتهم واشنطن ومخابراتها وجيشها، ولاشك أن اجتماعات العسكريين الأمريكيين في الرقة وجوارها مع قادة من داعش أوضحت للأمريكيين كيف يقضون على الجناح الذي لا سلطة لهم عليه في داعش ودعم الجناح الذي يرتبط بها ( هربت قيادات من العراق إلى سوريا وهربت من الرقة إلى سوريا الداخل ولبنان والأردن قيادات بأعداد كبيرة)، ولذلك فأن الولايات المتحدة تعمل الآن ليل نهار لخلق حالة من الكر والفر والتفجيرات تترافق مع تحرير دير الزور، وقد تلجأ إلى غارات ”تعتذر عنها”، لعرقلة التحرير، لكن اللغم الكبير يكمن في ادلب، ويكمن في النصرة  والدعم التركي للنصرة، وهذا أمر خطير لاشك أن روسيا واعية له  لكنني على يقين أن سوريا وإيران واعيتان تماما لهذا اللغم وخطورته.

واذا لخصنا ما تريد واشنطن ويريده ترامب نقول: ترامب يريد أن يتحكم بثروات الشرق الأوسط وأنظمته وأن تكون إسرائيل شريكا امرياليا له، ولا يمانع أن تحصل روسيا على مكاسب محددة، لكن حصة الأسد يجب أن تكون لواشنطن وتل أبيب، ويعلم ترامب أن هذا الأمر لن يكون ممكنا إلا اذا وجه ضربات كاسحة لإيران وحلفائها، ويرى أن للجيش الإسرائيلي دور أساسي في هذا وسيستخدم أسلحة محرمة دوليا، وسيحاول عزل سوريا عبر أكاذيب أصبحت معروفة مثل استخدام الغاز السام الذي شن ترامب غاراته على قاعدة جوية سورية بالصواريخ عابرة للقارات كعقاب على ”جريمة خان شيخون”، وضمن استراتيجية ترامب وحربه على سوريا دور هام للنصرة التي طلب ترامب  من إسرائيل أن توثق علاقاتها بها وتمدها بما يلزم.

أن لعبهم الخطير على هوامش إنجازات الجيش العربي السوري وحلفائه هو نوع من المحاولة البائسة لتغيير مسار الصراع، لكن الأمور لن تسير كما يريدون، وهذا يتطلب أن تبادر القوى المقاومة بضرب النصرة بشتى الوسائل وبالهجوم الدفاعي استنادا لوحدة معسكر المواجهة الممتد من طهران إلى البحر المتوسط.


رأي اليوم.

أضيف بتاريخ :2017/11/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد