آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
أيمن بدر كريم
عن الكاتب :
طبيب استشاري في أمراض الصدر واضطرابات النوم لدى الكبار، كاتب رأي في صحيفة المدينة السعودية مؤلف كتاب النوم رحمة

الموت الاجتماعي


أيمن بدر كريّم

«الشعور بالوحدة مُرتبط بارتفاع خطر الوفاة».. هذه خلاصة بـُحوث أظهرت مدى التأثيـر السّلبي للعيش بعزلةٍ مُفرطة عن الآخرين على حياة الفرد، بشكلٍ قد يتجاوز التأثيـر السّلبـي لأمراض السِّمنة على الصحة، وهو يشبه في أثره السيىء العُزلةَ القسرية من خلال الـحبس الانفرادي بوصفه نوعاً من العقاب الـجزائي.

وبـحسْب تقارير، يُعتقد أن حوالـي (42) مليون أمريكي فوق سن الـخامسة والأربعيـن يعانون من الوحدة الـمُزمنة، وأن حوالـي (20%) من أفراد الـمجتمع الأمريكي يشعرون بالوحدة، كما أظهرت دراساتٌ علمية على عدد كبيـرٍ من الأفراد (أكثر من 300 ألف) أن مزيداً من التواصل الاجتماعي للفرد مع الـمحيطيـن به في الـمجتمع مرتبطٌ بانـخفاض خطر الـموت الـمُبكّر بـحوالـي (50%).

ويرتبطُ الشعورُ بالوحدة بأعراض التوتر نتيجة ضعفِ التواصل الاجتماعي الإيـجابـي ورداءةِ الدعم الـمُجتمعي، وعدم التقدير الشّخصي، وقلّةِ الأصدقاء، وندرةِ الوفاء، وسوء التفاهم بين الأفراد في البيئة الـمحيطة، وقد يكون نتيجةَ الـحزن الـمُفرط والإصابة باضطراباتٍ عُضوية مُزمنة أو نفسية مزاجية كالاكتئاب وهو في حالاتٍ كهذه مرتبطٌ بالتفكيـر في الانتحار، فضلاً عن الـمُعاناة من رداءة البيئة الوظيفية التي لا يشعر فيها الـموظّف بالأمانِ ولا القبول ولا الامتنان، إضافة إلـى الـمشكلات الزوجية والعائلية بـما تـفرزُه من التنافر وأعراضِ الغضب والقلق النفسي،

فالشعور بالوحدة إذاً قد يصيب أحدهم وسط جـمعٍ غفيـر من الناس، وليس نتيجة بقائه معزولاً عنهم بالضرورة، في صورة يـُمكن وصفها «بالـموت الاجتماعي».

ويقاسي أيضاً عددٌ من الـمفكّرين والـمبدعيـن والـمتأمّلين والكفاءات من الوحدة الـمجتمعية نتيجة «غُربة الفكر» التي تُعد الأقسى والأشد، في مـجتمعات متخلّفة تغصّ بسلوكياتٍ وأفكارٍ وثقافاتٍ بعيدة عن الـمنطق السليم.

وحذّرت الدكتورة «هولت لونستاد» من خلال حديثها في مؤتـمر الرابطة الأمريكية للأمراض النفسية الـمنعقد حديثاً في واشنطن، من أن «الوحدة» والعزلة الاجتماعية تنتشر في على شكل وباءٍ اجتماعي يصيب كثيراً من الأفراد وبـخاصة كبار العمر طلاب الـمدارس وعددٍ من الـموظفين في بيئة العمل، وتقتـرحُ حلولاً من ضمنها: إجراء مسحٍ روتينـي للـمرضى لرصد أعراض الوحدة الـمُجتمعية، وتدريبِ الأطفال وطلاب الـمدارس على الـمهارات الاجتماعية الـمختلفة، وتـحضيـرِ الـموظفيـن نفسياً ومادياً لفتـرة ما بعد التقاعد، والاهتمام بإنشاء مراكز ترفيه تـجمعُ أكبـر عددٍ من الأفراد على نشاطاتٍ اجتماعية ورياضية وثقافيةٍ لتشجيع ترابطهم بشكلٍ إيـجابـي.

صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/11/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد