آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. أحمد القطامين
عن الكاتب :
خبير التخطيط الإستراتيجي من الأردن

المظاهرات في إيران: لماذا بدأت ولماذا انتهت بسرعة؟


أ. د . أحمد القطامين

أخطأت الإطراف التي ابتهجت بأعمال الاحتجاج التي شهدتها إيران خلال الأسبوع الماضي باعتقادها أن المظاهرات تمنحها فرصة نادرة للتدخل وزعزعة النظام الحاكم في إيران. يعود هذا الخطأ في الحسابات إلى اعتقاد تلك الإطراف أن الاحتجاجات الحالية هي امتداد لاحتجاجات عام 2009 ومن الممكن استخدام نفس الأساليب في تأجيجها التي استخدمت في ذلك العام مع أن الفرق بين الحالتين واضح تماما، فاحتجاجات عام 2009 قام بها الجناح الإصلاحي في النظام ضد الجناح المحافظ في نفس النظام احتجاجا على انتخاب أحمدي نجاد لولاية رئاسية ثانية وشاركت فيها جماهير واسعة وصلت أحيانا إلى الملايين بينما الاحتجاجات الحالية كانت محدودة العدد وقامت على خلفية رفع مقترح لرفع أسعار المشتقات النفطية ومطالب اقتصادية تخللها رفع شعارات سياسية محدودة ويعتقد بعض المراقبين أن الشعارات السياسية وبعض أعمال إطلاق النار كانت قد تمت من قبل أطراف مدسوسة من قبل منظمات أجنبية معادية.

باختصار هناك مجموعة عوامل أدت إلى إضعاف ومن ثم الانتهاء العملي للاحتجاجات في إيران:

فما أن اندلعت أعمال الاحتجاج الحالية في إيران حتى بادر الرئيس الأمريكي ترامب إلى استخدام منصة توتر للتواصل الاجتماعي للإعراب عن دعمه المطلق لها، مما ألقى بظلال من الشك والريبة حولها حتى عند الإيرانيين المشاركين فيها الذين شرعوا بمغادرة الشوارع والعودة إلى بيوتهم نظرا لكراهيتهم القوية لترامب كما هي حال كل الشعوب والأمم حول العالم ما عدا إسرائيل بالطبع  وذلك بسبب سمعة ترامب غير الطيبة حول العالم وسلوكه الغريب في إدارة شؤون أمريكا داخليا وخارجيا. وهذا مثل العامل الأول الذي أدى إلى فشل تلك المظاهرات.

أما العامل الثاني الذي أضعف عزيمة المشاركين في الاحتجاجات فكانت تصريحات رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو الذي غرد هو الآخر أنه يبارك الاحتجاجات وقال مخاطبا المتظاهرين أنه بمجرد أن تسقطوا النظام فسنعود نحن وأنتم أصدقاء مجددا.. حيث من المعروف أن الإيرانيين أكثر الشعوب الإسلامية كراهية لإسرائيل وسعيا لمواجهتها وأكثر الدول دعما لقوى المقاومة الفلسطينية والعربية ضد إسرائيل.

إما العامل الثالث الذي أدى ضعف أعمال الاحتجاج التدريجي ومن ثم إلى انتهائها عمليا فكانت اللهجة التي استخدمتها الحكومة الإيرانية التي اعترفت بصعوبة الأوضاع الاقتصادية في البلاد وأعلنت عن تراجعها عن قرارات كانت ستطبق قريبا تشمل رفع أسعار المشتقات النفطية وفرض بعض الضرائب الجديدة المتفرقة.

مما سبق نستنتج أن الحكومة الإيرانية تمكنت بحكمة من مواجهة ما كان من الممكن أن يكون مدخلا خطيرا لإدخال البلاد في مسار يقودها إلى حالة من الفوضى والتفكك نظرا لخطورة المرحلة التي تمر بها العلاقات الأمريكية الإيرانية حيث وضع ترامب على رأس أولويات إدارته التصدي لإيران وإضعافها بكل الطرق الممكنة بالإضافة إلى المشاكل الإقليمية المعروفة.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/01/07

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد