آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
أحمد الهلالي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

جامعات تستفز المواطنين!


أحمد الهلالي

من الطبيعي أن تبحث عما ينقصك في محيطك، وإن لم تجده ستوسع دائرة البحث في الوطن، وإن لم تجده في وطنك ستبحث عنه خارج الحدود حسب أهميته، وسيكون بحثك مبررا حينذاك، أما أن تقفز خارج حدود الوطن للبحث عما ينقصك بجودة أقل من الموجود في وطنك فهذا عبث لا يبرره عقل ولا منطق ولا وطنية.

قرأت على صفحة أكاديمي عربي على «الفيس بوك» منشورا بتاريخ 22 فبراير 2018 عن «فرص أكاديمية وتعاقد فوري بجامعة سعودية ناشئة»، وكانت الوظائف «محاضر، أستاذ مساعد، أستاذ»، والتخصصات في «اللغة الإنجليزية وآدابها»، وشروط التعاقد ألا يقل تقدير البكالوريوس والماجستير عن «جيد» والدكتوراه عن مرتبة الشرف «الثانية»، ويحث أبناء وطنه على المبادرة إلى لقاء لجنة التعاقد الموجودة في بلدهم، إذ يكفي أن يأتي إليها العضو في مقابلة عاجلة من «9 ص ـ 1م» يتم بعدها التعاقد الفوري.

شعرت بالأسف العميق وأنا أتذكر شروط تعيين أبنائنا في جامعاتنا، وألا تقل درجة جميع مراحل دراساته العليا عن «جيد جدا»، وإن توفرت الشروط وأعلى منها ربما يستبعد، لأنه يشغل وظيفة أخرى، أو تجاوز السن، أو «ما هضمته» لجنة التعيين وما في حكمها من قنوات «الطرد المؤدب». شعرت حقا بالأسى والأسف وجامعة سعودية تبحث عن متعاقدين في تخصصات نظرية، بتقديرات متدنية، وتجاهلت المئات من أبناء الوطن الحاصلين على ذات المؤهلات بتقديرات أعلى. فهل تزهد جامعاتنا في مخرجاتها إلى هذه الدرجة؟ وهل يظل أبناؤنا معاطن للشكوى والإحباط بعد أن سهروا وتغربوا وتعبوا يطاردون أحلامهم، ليروها تنحر أمامهم بحجج يأباها المنطق؟

كنت أشك في شكاوى حملة الماجستير والدكتوراه من ممارسات بعض الجامعات، واتهاماتهم لبعض مسؤوليها بالسعي لمآرب ليست نزيهة! لكن بعد قراءة ذلك المنشور شعرت بالغصة المتكاثرة في صدور أبناء الوطن، وأولئك المسؤولون يصورون الوطن مستغنيا عن أبنائه، يتجاهلهم ليستعين بكوادر أقل تأهيلا من بلدان أخرى، فماذا يعني أن تطالب المواطن بتقدير لا يقل عن «جيد جدا» ناهيك عن الاختبارات التحريرية والمقابلات الشخصية الممتدة، وتعلن للمتعاقدين تقدير «جيد» ومقابلة جماعية في وقت قصير!

أتساءل ـ حقا ـ هل لدى الجامعات أو وزارة التعليم إحصائيات بأعداد حملة الماجستير والدكتوراه المواطنين من «الداخل والخارج» مرتبين حسب تقديراتهم ومواقيت تخرجهم؟ وهل الحق مشاع لكل جامعة أن تشكل لجنة تعاقد تسافر من بلد إلى آخر لاستقطاب أعضاء هيئة تدريس بتقديرات «دنيا» دون الرجوع إلى الوزارة والتأكد من عدم وجود كوادر سعودية مؤهلة؟ ثم أعود إلى مقدمة المقالة، وأقول من غير الطبيعي أن تضع شروطا لأبناء الوطن «أصحاب الحق» وتتجاهلهم، وتتعدى حدود الوطن لتأتي بكوادر أقل تأهيلا، بشروط أقل، وإذا كان من المعيب أن تضع شروطا «مساوية» لأبناء الوطن، فأي وصف يليق بواضعي الشروط «الأقل»؟

من حق أبناء الوطن الحاصلين على درجة الماجستير والدكتوراه على وزارة التعليم أن تعيد النظر «عاجلا» في آلية التعيين والتعاقد في الجامعات، وأن تنظمها بكيفية عادلة ومنصفة، ومن حقهم أن تفتح تحقيقا «عاجلا» تعلن نتائجه عن ممارسات الجامعات المتجاوزة، فليس من العدل مطلقا أن تتعاقد الجامعات من الخارج في تخصصات يحمل درجتها سعوديون بتقديرات عالية، قبل أن تعلن احتياجها، ثم ترفع نتائج مبررات عدم شغلها بسعوديين. وليس من العدل أن ترفض بعض الجامعات تعيين الحاصلين على الدكتوراه بحجة أنهم موظفون في التعليم، فالتعليم وغيره لا يعطي حملة الدكتوراه حقوقهم المالية ولا المعنوية التي حلموا بها في الجامعات حين قرروا خوض غمار الحصول على الدرجة.

صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2018/02/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد