آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الحميد العمري
عن الكاتب :
عضو جمعية الاقتصاد السعودية

نسبة تحقق منتجات وزارة الإسكان


عبد الحميد العمري

أظهرت أحدث بيانات القروض العقارية المصروفة للأفراد عن طريق كل من المصارف التجارية وشركات التمويل العقاري، وفقا للنشرة الشهرية الأخيرة لمؤسسة النقد العربي السعودي " كانون الثاني (يناير) 2018"، أن الزيادة التي طرأت عليها خلال 2017 لم تتجاوز 11.2 مليار ريال بنسبة 9.2 في المائة، مرتفعة من نحو 122 مليار ريال بنهاية 2016، لتستقر عند 133.2 مليار ريال بنهاية 2017. في الوقت ذاته؛ سجلت القروض العقارية المصروفة للشركات خلال الفترة نفسها انخفاضا بنحو 6.2 مليار ريال بنسبة 6.3 في المائة، منخفضة من نحو 98.5 مليار ريال بنهاية 2016، لتستقر مع نهاية 2017 عند مستوى 92.3 مليار ريال. وعلى مستوى إجمالي تلك القروض العقارية المنصرفة خلال 2017، أظهرت بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي، أن الارتفاع في الإجمالي (الشركات، الأفراد) لم يتجاوز 5.0 مليار ريال، أي ما لا تتجاوز نسبة نموه السنوي 2.3 في المائة.

وبمقارنة تلك التطورات المؤكدة مع الإعلانات الشهرية لوزارة الإسكان طوال 11 شهرا من 2017 حول منتجاتها السكنية "برنامج سكني"، وتحديدا برنامج البيع على الخريطة "وافي"، والتمويل السكني المدعوم، كونهما المنتجين الأكثر اعتمادا على القروض العقارية المصروفة من المصارف التجارية وشركات التمويل العقاري، اللذين بلغ مجموعهما خلال 2017 نحو 195.2 ألف منتج، وبافتراض أن متوسط تمويل المنتج السكني الواحد للبيع على الخريطة والتمويل السكني المدعوم يبلغ 500 ألف ريال للمنتج السكني الواحد، يقدر أن يصل حجم القروض العقارية المترتبة على تنفيذ تلك المنتجات 97.6 مليار ريال، وأن تنعكس تلك القروض العقارية بالزيادة على إجمالي حجم القروض العقارية المصروفة خلال 2017، لتصل بنهاية العام الماضي على أقل تقدير إلى نحو 219.6 مليار ريال، إلا أن هذا وفقا لبيانات مؤسسة النقد العربي السعودي لم يحدث مطلقا، حيث لم يتجاوز حجم القروض العقارية المصروفة للأفراد سقف 133.2 مليار ريال.

وعلى افتراض أن كل ما تم صرفه من تلك القروض العقارية للأفراد، جاء كله نتيجة تنفيذ منتجات وزارة الإسكان التي أعلنت عنها، وهو الأمر المستبعد على أرض الواقع، لوجود أفراد استطاعوا الحصول على تلك القروض العقارية خارج دائرة منتجات وزارة الإسكان، إلا أنه لتسهيل المقارنة؛ تكشف المقارنة بين البيانات الفعلية لنمو القروض العقارية من جانب، ومن جانب آخر إعلانات منتجات "برنامج سكني"، أن نسبة الزيادة في القروض العقارية إلى إجمالي التمويل اللازم لتنفيذ تلك المنتجات، لم يتجاوز بأحسن الأحوال سقف 11.5 في المائة، وهي النسبة التي تشير إلى أن ما تحقق وتم تنفيذه على أرض الواقع لمنتجات وزارة الإسكان خلال 2017، وأن ما لم يتحقق منها بلغت نسبته 88.5 في المائة! مع التأكيد أن نسبة الإنجاز الفعلي وفقا لواقع تلك البيانات الصادرة عن مؤسسة النقد، لا شك أنها ستكون أدنى من نسبة 11.5 في المائة، وذلك لوجود شريحة أفراد استفادوا من تلك القروض العقارية خارج مظلة تلك المنتجات السكنية المعلن عنها من قبل وزارة الإسكان. لا شك أنه يؤمل فعلا أن تترجم الجهود المبذولة من قبل وزارة الإسكان، وأن تتحول فعليا تلك الجهود والإعلانات إلى حقائق على أرض الواقع، وهي الجهود التي تستهدف بها وزارة الإسكان إضافة إلى بقية برامجها وجهودها الأخرى على رأسها تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء، العمل على إيجاد حلول حقيقية لأزمة الإسكان الراهنة، الجميع بكل تأكيد يشارك الوزارة في أن يتحقق لكل تلك البرامج الإسكانية أعلى درجات النجاح، التي تكلل بتحققها خروجا ملموسا لأفراد المجتمع من وثاق أزمة الإسكان المحلية، وترتفع معه نسب تملك الأفراد لمساكنهم بالجودة العالية اللازمة، وبتكاليف مالية أقل لا ترهق دخل الأفراد وأسرهم. إلا أنه كما تظهر المقارنة أعلاه، يبدو أننا بعيدون حتى تاريخه عن تحقق كل تلك الآمال والطموحات، وهو الأمر الذي يجب أن تقف عليه وزارة الإسكان موقف المسؤول الأول، قبل أي طرف آخر من بقية الأطراف ذات العلاقة، وما يزيد الأمر اهتماما هنا إلى أعلى درجاته؛ أن القروض العقارية المصروفة للشركات خلال نفس فترة إعلانات منتجات وزارة الإسكان، سجلت انخفاضا لا ارتفاعا بنحو 6.2 مليار ريال "انخفاض بنسبة 6.3 في المائة"، وهي في الغالب شركات تطوير عقاري، التي تم الاعتماد عليها من قبل وزارة الإسكان لأجل تنفيذ المنتجات السكنية المعلن عنها!

إنه لافت جدا أن وزارة الإسكان لم يصدر عنها حتى تاريخه، أي تصريحات مؤكدة حول ما تم تنفيذه من مختلف منتجاتها السكنية التي أعلنت عنها خلال عام مضى، وما حدث فعليا أنها استمرت للعام الثاني على التوالي في الإعلان عن مزيد من تلك المنتجات السكنية، وأنها عازمة على توزيع 300 ألف منتج سكني خلال 2018، ما يشير إلى أهمية الوقوف المسؤول من قبلها على ما تم إنجازه من عدمه، وأن نتساءل جميعا ما فائدة أن نصل إلى نهاية 2018 على إجمالي إعلانات عن منتجات سكنية يبلغ عددها 580 ألف منتج سكني عن عامي 2017 ـ 2018، ثم لا نجد أن نسبة ما تم تنفيذه لا تتجاوز العشر؟!

أن تكتشف وزارة الإسكان على وجه الخصوص، والاقتصاد والمجتمع على وجه العموم نسبة الإنجاز في الوقت الراهن، قبل المضي قدما على طريق طويل لمعالجة إحدى المعضلات التنموية المحلية، وأن يتم التعامل مع الأسباب التي أدت إلى قصور وتدني نسبة التنفيذ مقارنة بما تم إعلانه، لا شك أنه أفضل بكثير من اكتشاف تلك الحقيقة المؤلمة في نهاية الطريق، أي بعد مضي عامين إلى ثلاثة أعوام، وهو الاكتشاف المتأخر الذي سيكلف أكثر ماديا واجتماعيا وتنمويا، مقارنة بما يمكن اكتشافه اليوم ومحاولة العمل على معالجة أسباب قصوره وعدم نجاحه.

ختاما؛ هل لدى وزارة الإسكان الإجابة عن السؤال المتكرر منذ نحو عام من تاريخه: ما نسب إنجاز وتنفيذ ما تم الإعلان عنه للمنتجات السكنية التي تم الإعلان عنها حتى تاريخه؟! أتمنى أن نستمع قريبا إلى إجابة واضحة وصريحة ومحددة عن هذا السؤال الأهم، الذي لم يجد حتى تاريخه إجابة شافية من وزارة الإسكان. والله ولي التوفيق.

صحيفة الاقتصادية

أضيف بتاريخ :2018/03/07

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد