آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الوهاب الشرفي
عن الكاتب :
‏‏‏محاسب قانوني معتمد ، رئيس مركز الرصد الديمقراطي (اليمن) ، كاتب ومحلل سياسي .

هل ستكون زيارة “مومبيو” عود الثقاب الذي يشعل حرائق المنطقة؟


عبدالوهاب الشرفي

زيارة مستعجلة ومعتنية ومختارة يقوم بها “مايك بومبيو لمنطقة” الشرق الأوسط”، فهي مستعجلة لأنها تتم بعد المصادقة من ” الكونجرس الأمريكي “على تعيينه وزيرا للخارجية بعد أيام فقط من هذا التعيين، وهي زيارة معتنية كونها تأتي بمصادقة عليها من الكونجرس ، كما أنها مختارة لثلاث دول ذات علاقة هي المملكة السعودية والأردن و”الكيان الصهيوني”.

أول ما يميز هذه الزيارة هوانها تأتي بعد استكمال الرئيس الأمريكي “ترامب” إعادة صياغة إدارته كإدارة “صقور” من خلال عدد من التغييرات المتتابعة التي قام بها مؤخرا ومن بينها تعيين “بومبيو” وزيرا للخارجية ، وإعادة صياغة الإدارة الأمريكية لتكون في غالبها من فريق الصقور يعني أن هناك قرارات قد اتخذها “ترامب” ولم يكن قادرا على إخراجها من خلال تشكيلة إدارته السابقة وسيمكنه إخراجها من خلال التشكيلة الحالية المنسجمة معه في المزاج وهو ماقاله “ترامب” تعليقا على اختياره “لمومبيو” بان مزاجهما يتفق في كثير من القضايا وهذا من جهة ، ومن جهة أخرى أن الدور الذي تنفذه الخارجية الأمريكية ممثلة بوزيرها الجديد “مومبيو”  في ما يتعلق بالمنطقة هو غير الدور الذي كان ينفذ من خلال الخارجية الأمريكية ممثلة بوزيرها السابق “ماتيس″، وبربط الأمرين يمكن القول أن زيارة “مومبيو” تأتي كأول مهمة للخارجية الأمريكية تمهد للقرارات التي بسببها اجري “ترامب” التغييرات في إدارته .

تعمل ” وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ” على تنفيذ تصرفات على الأرض هي في جزء كبير منها تتم بتجاوز القوانين والالتزامات الدولية وترتب للوصول لأهدافها بطرق تمر من تحت الطاولة بينما تتولى الخارجية تحديد المواقف الأمريكية المعلنة والتي تكون ملتزمة بالقوانين والالتزامات الدولية في حال كان ذلك يصب في مصالح ” الولايات المتحدة ” أو بالتحايل عليها في حال العكس وكل ذلك في الموقف المعلن ، و” بومبيو” كان يرأس ” وكالة الاستخبارت المركزية ” ويدير العمليات الاستخباراتية من تحت الطاولة وهو من فريق ” الصقور ” في الإدارة الأمريكية ما يعني انه بعد تولية الخارجية سيكون أكثر اندفاعا لتحقيق الأهداف المطلوبة استخباراتيا دون مرعاة لجانب صورة خروج تلك الأهداف ومدى انسجامها مع القانون أو مقدار انتهاكها للقانون ، وبذلك يكون الأداء الأمريكي أداءا عدائيا من تحت الطاولة وكذلك من فوقها .

قبل زيارة ” مومبيو” لمنطقة ” الشرق الأوسط ” وقبل توليه رسميا مهامه  كوزير لخارجية ” الولايات المتحدة ” كان في زيارة ” لكوريا الشمالية ” التي كان ملفها في غاية السخونة قبل تلك الزيارة ونجحت زيارته في انجاز تهدئة ملحوظة للملف ” الكوري الشمالي ”  ما يشير إلى سعي أمريكي لتخفف من أحمالها لاعتزامها التركيز على ملفات أخرى ترى أنها أكثر إلحاحا حاليا من الملف ” الكوري الشمالي ” . وتوجه ” مومبيو” بزيارة بهذه المواصفات لمنطقة ” الشرق الأوسط ” يعني أن المهام الأكثر إلحاحا هي في هذه المنطقة وقد نجح في تهدئة الأزمة مع ” كوريا الشمالية ” وباشر من فوره التعاطي مع المهام في منطقة ” الشرق الأوسط ” التي تمت التهدئة مع ” كوريا الشمالية ” للتركيز عليها  .

الأداء الأمريكي أو بالأصح ” الترامبي ” تجاه منطقة ” الشرق الأوسط ” هو باتجاه امن ومستقبل ” الكيان الصهيوني ” وتحت عناوين مختلفة منها عنوانين هما في واجهة الأداء الأمريكي وهما عنوانين غاية في الخطورة والحساسية ومطروحا بإلحاح على طاولة ” ترامب ” و” صقور إدارته ” ، وهما ملف ” الاتفاق النووي الإيراني ” والمحدد اتخاذ القرار بشأنه في 12 / مايو المقبل والذي يعمل ”  ترامب ” على اتخاذ قرار بإلغائه ، وملف ” نقل السفارة الأمريكية ” إلى مدينة ” القدس ” بعد اعتراف الولايات المتحدة بها عاصمة ” للكيان الصهيوني ” قبل أشهر والمحدد لإقدام على هذه الخطوة في 15 / مايو المقبل ، وبالتالي فزيارة ” مومبيو” لمنطقة ” الشرق الأوسط ” الحالية هي ضمن خطوات الترتيب لإخراج القرارين في هذين الملفين إلى الوجود .

اعتناء ” المملكة السعودية ” بملف ” النووي الإيراني ” معروفه وهي مشاركة للعديد من الملفات في المنطقة ودورها لاشك مطلوب ضمن الترتيبات اللازمة لإعلان القرار الأمريكي بشأن ” الاتفاق النووي ” كما أنها ذات علاقة بملف ” القدس ” لرمزيتها الدينية التي تفرض عليها تحديد موقف تجاه قرار ”  القدس ” والأمر يحتاج لتهيئتها في هذا الجانب كذلك . ” الكيان الصهيوني ” أيضا هو معني بهذين القرارين بشكل مباشر والترتيب معه مطلوب قبل إعلان القرارات وقد ظهرت إحدى ” المطلوبات ” من هذا الكيان من خلال عقد رئيس وزرائه ” نتن ياهو” بعد مغادرة ” مومبيو” الكيان الصهيوني ” مباشرة مؤتمرا صحفيا خصص ” لإعلان اتهامات مباشرة بالتطوير الإيراني السري لأسلحة نووية ” ، الأردن كذلك معني بشكل مباشر من خلال احتفاظ ملكه ” عبدالله ” رئاسة ” لجنة القدس ” والأمر يحتاج إخطاره وتهيئته للقرار المتخذ بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس وكان تصريح ”  مومبيو” أثناء زيارته للأردن ذو علاقة مباشرة بهذا الإبلاغ والتهيئة من خلال القول : أن حل دولتين هو( احتمال ) لحل شامل بين الفلسطينيين و” الإسرائيليين ” ، أي أن حل الدولتين القائم على توزيع القدس بين الفلسطينيين و” الإسرائيليين ” الذي كانت تتبناه الإدارة الأمريكية وجميع المعنيين بالملف الفلسطيني تقريبا بات احد ” احتمالات ” لدى الإدارة الأمريكية الحالية وليس الخيار الذي تعمل له كحل بينهما ، وهذي يعني إعلان تراجع للموقف الأمريكي تجاه تصور الحل بشكل مباشر ومعلن لأول مرة مايعني أن الأمر ليس الاعتراف ” بالقدس ” عاصمة ” للكيان الصهيوني ” وإنما حتى حل الدولتين ولو بعاصمة أخرى بات احتمالا ما يعزز تصور أن الزيارة للأردن كانت بهدف الترتيبات لنقل السفارة الأمريكية إلى ” القدس ” .

ستكون زيارة ” مومبيو” التي انتهت اليوم في الأردن وبدأت من السعودية ومرت ” بالكيان الصهيوني ” هي زيارة وضع ” البنية التحتية ” لقرارين مجازفين سيتخذهما ” ترامب ” وقد تكون هي الزيارة التي ستقلب منطقة ” الشرق الأوسط ” رأسا على عقب وما ”  مايو” عنها ببعيد .
صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/05/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد