آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الوهاب الشرفي
عن الكاتب :
‏‏‏محاسب قانوني معتمد ، رئيس مركز الرصد الديمقراطي (اليمن) ، كاتب ومحلل سياسي .

من أين ستبدأ الحرب الكبرى في المنطقة ؟

 

عبدالوهاب الشرفي

حديث الأمين العام لحزب الله ”حسن نصرالله” عن أن الحرب مع الوكلاء قد شارفت على الانتهاء وإن الحرب مع الاصلاء قد تبدا في أي وقت ليس حديثا مستغربا وأن كان حديثا غاية في الخطورة, فكونه ليس مستغربا فلان  النتيجة التي ارتسمت في سوريا  حتى الآن تقول ذلك فالحكومة السورية استعادت ما يصل ل85% من مساحة سوريا و بات كل غرب الفرات بيدها تقريبا ولم يعد من وجود مهم للوكلاء – الجماعات المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها – ولم تعد هذه الجماعات المسلحة قلب الصورة – في ظل الملابسات الحالية – في المساحة التي باتت بيد الحكومة السورية وحلفائها, وإذا سارت الأمور وفق سيرها الحالي فأن المعارك ستنتقل إلى المناطق الباقية من الجغرافيا السورية التي لاتزال خارج سيطرة الحكومة السورية والتوجه لهذه المناطق تضع الاحتكاك مع الاصلاء قائما فما بقي هي مناطق الهيمنة والحضور العسكري للأصلاء الولايات المتحدة – وقد يضاف لها قوات لدول أخرى من الاصلاء يتم الحديث عن ضرورة دخولها إلى سوريا – وتركيا من جهة و لأن النتيجة التي ارتسمت حتى الآن غير مقبولة من قبل ”الكيان الصهيوني” و قد دخل على الخط بشكل غير مسبوق و وجه ضربات مباشرة ليس للحكومة السورية فقط كما كان الأمر وإنما استهدف قوات إيرانية بشكل مباشر وسيستمر وهي لكمات من طرف أصيل و كان ”نصر الله” قد وصف هذه الضربات أنها فتحت حربا مباشرة بين إيران و ”الكيان الصهيوني” من جهة ثانية.

حديث ”نصرالله” الذي ذكر فيه حرب الاصلاء القادمة يأتي في ظل ملابسات خاصة وكبيرة وذات علاقة بالحرب مع الاصلاء فمن السعي الحثيث لإلغاء الاتفاق النووي الإيراني إلى الدفع باتجاه دخول قوات لدول من الاصلاء إلى سوريا إلى الدفع باتجاه اجتذاب شركاء جدد في الموقف تجاه إيران بداية بالمغرب إلى التهدئة المفاجئة مع كوريا الشمالية للتفرغ لمنطقة الشرق الأوسط إلى الانزياح العسكري الكبير – والغير مسبوق منذ الحرب على العراق–  إلى المنطقة إلى السعي الأمريكي لتوفير موارد مالية هائلة إلى غير لك من مؤشرات اقتراب المعركة مع الاصلاء , كما أن حديثه – ”نصرالله” يأتي ضمن ترتيبات خاصة منها إعادة قوات تابعة ”لحزب الله” من سوريا إلى الحدود اللبنانية وكذا السعي الحثيث لحزب الله لتوفير التغطية السياسية له داخليا من خلال الانتخابات النيابية التي يشهدها لبنان والتي بمناسبتها كان هذا الحديث ”لنصرالله” وبحدة ومباشرة غير مسبوقة في سلوك ”حزب الله” للفوز في الفعاليات السياسية اللبنانية الداخلية.

حرب الاصلاء إذا ما اندلعت فهي خطيرة للغاية وهو أمر واضح لآنها قد تلحق الضرر بالعالم بأسره وقد تدخل البشرية كلها وليس المنطقة فقط في نفق مظلم لم يدخله من قبل مطلقا, وخطورتها البالغة هذه تجعل المدخل لها هو أحد أهم حساباتها فهذه الحرب المجازفة بالأمن والسلم الدوليين بشكل شامل و غير مسبوق تفرض على العالم بكله اتخاذ موقف تجاهها ولهذا فان الحاجة لتغطية الموقف بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها سياسيا حاجة ماسة, وسيكون الدخول لحرب الاصلاء من نقاط الاحتكاك في ما بقي من الجغرافيا السورية خارج سيطرة الحكومة السورية غير مغطى سياسيا بالقدر المتناسب مع حجم هذه الحرب وسيكون موقف الولايات المتحدة وحلفائها  ضعيفا كون وجودها على الأرض السورية غير شرعي, وذات الشيء بالنسبة لدخول لها عبر ضربات ”الكيان الصهيوني” للمواقع الإيرانية في سوريا فهذه الضربات ليست شرعية كما انها تعزز موقف إيران في حال تكررت وتوسعت وفُرض الرد داخل الجغرافيا المحتلة كون ”الكيان الصهيوني” هو من أمعن في الاعتداءات وفوق ذلك فان هذا المدخل غير مناسب لأن عدم تضرر ”الكيان الصهيوني” هو أحد المواصفات المطلوبة في أي مدخل لحرب الاصلاء.

النتيجة التي ترتسم في سوريا لصالح الحكومة السورية وحلفائها اذا ما انتهت هكذا فسيترتب على ذلك تغيرات إقليمية وعالمية سيئة للغاية على الولايات المتحدة و ”الكيان الصهيوني” وحلفائهما ولا قبول من قبلهم ان تمر, و انتهاء هذا المعركة في سوريا التي كان معول عليها النيل من إيران كأحد أهدافها بهذه النتيجة ستفضي إلى العكس و زيادة تقوي وحضور إيران و ارتفاع  مستوى تهديدها لأمن ”الكيان الصهيوني” وهو أمر أيضا لا يمكن القبول به, وبالتالي فأن الحدث الذي يدور في سوريا هو حدث مصيري بالنسبة لمحور الغرب و ” الكيان الصهيوني” و الذهاب لحرب الاصلاء أمر لن يترددوا فيه إذا لزم الأمر لمنع اكتمال النتيجة في سوريا لصالح الحكومة السورية و حلفائها وأيا كانت التبعات أو الثمن المترتب على ذلك وسيكون الذهاب بالنسبة لهم اليها أمر حتمي .

أمام أهمية البحث عن مدخل لحرب الاصلاء لتغطية الموقف سياسيا بمقابل حتمية  الذهاب لهذه الحرب إذا لم يمكن التأثير على النتيجة في سوريا إلا عبرها يأتي الاتفاق النووي الإيراني كبوابة مناسبة وكلما تحتاج هو فتحها, وكلما يدور من حديث وسجال و دفع باتجاه الغاء الاتفاق النووي الإيراني هو بهدف فتحه ليتم الدخول عبره إلى حرب الاصلاء , فبإلغاء هذا الاتفاق سيفتح الباب على إمكانية التشكيك والاتهام لإيران بالتطوير النووي العسكري والبناء على هذه التهمة وصولا للدخول إلى حرب الاصلاء في ظل أكبر غطاء سياسي ممكن للولايات المتحدة وحلفائها لتغطية حربها. فحجة التطوير النووي العسكري من قبل إيران هو المدخل الأكثر ملائمة للدخول لهذه الحرب وهو ذاته المدخل الذي حورب به العراق من قبل والذي عبره تقدم الولايات المتحدة وحلفائها – و بصورة اخف – على توجيه ضربات منفردة لسوريا باختلاق تهم استخدام السلاح الكيماوي في سوريا.

قد تندلع حرب الاصلاء من المدخلين السابقين – نقاط الاحتكاك في سوريا أو ضربات ”الكيان الصهيوني” – إذا اقتضت الضرورة لكن احتمال اندلاعها عبر هذين المدخلين يضل متدني بمقابل احتمال كبير أن تندلع من مدخل التطوير النووي الإيراني – حقيقة أو اتهاما – و كلما يحتاج الأمر هو فقط الغاء الاتفاق النووي الإيراني ليبدأ بذلك تدوير العجلة وصولا للعمل العسكري بعيدا عن مجلس الأمن الذي يصعب الحصول على تشريعه لحرب الاصلاء التي لابد للولايات المتحدة وحلفائها من الإقدام عليها, ولذلك سيمثل الغاء ”ترامب” للاتفاق النووي الإيراني أن تم في 12 من مايو الجاري الطلقة الأولى لانطلاق ماراثون حرب الاصلاء.

صحيفة رأي اليوم.

أضيف بتاريخ :2018/05/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد